الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:01

العصا والجزرة/ بقلم: د. محمود الخطيب – مدرب ومحاضر أكاديمي

كل العرب
نُشر: 02/08/15 18:17,  حُتلن: 08:40

د. محمود الخطيب – مدرب ومحاضر أكاديمي في مقاله:

أسلوب العصا والجزرة (العقاب والمكافأة) الذي يهدف إلى تحفيز الآخرين لأداء مهام معينة هو أسلوب سهل وقصير ونتائجه جيدة في المدى القصير ولكنه سيء وفاشل في المدى البعيد

الأسلوب الأفضل والأصعب والذي يفضل الكثيرون منا التهرب منه لأنه يحتاج إلى وقت وجهد؛ هو أن تقنع ابنك بأهمية الدراسة والتعلم فتتشكل عنده قناعة داخلية تشكل محفزا داخليا لا يرتبط بالعقاب أو المكافأة الخارجية ويستمر معه إلى آخر حياته

هنالك عدة أساليب لتحفيز الآخرين للقيام بما نريده منهم، بغض النظر ان كانوا اولادا في البيت، او الموظفين في العمل، او الأصدقاء في الحياة الاجتماعية. في هذا المقال سأتعرض لأسلوبين من هذه الأساليب، الأسلوب الأول هو أسلوب العصا والجزرة، والأسلوب الثاني هو القناعات الصحيحة. وسأحاول أن أبين حسنات وسيئات كل واحد منها.

أسلوب العصا والجزرة (العقاب والمكافأة) الذي يهدف إلى تحفيز الآخرين لأداء مهام معينة هو أسلوب سهل وقصير ونتائجه جيدة في المدى القصير ولكنه سيء وفاشل في المدى البعيد؛ لأنه محفز خارجي يجعل الشخص يربط أداءه للمهمة بالمحفز (العصا أو الجزرة)، ففي حال غياب المحفز فإن الأداء سيكون سيئا. فمثلا أن تحفز ابنك على الدراسة بهذا الأسلوب سيؤتي أُكله في المدى القصير لكنه في المدى البعيد سيأتي بأثار سيئة.

الأسلوب الأفضل والأصعب والذي يفضل الكثيرون منا التهرب منه لأنه يحتاج إلى وقت وجهد؛ هو أن تقنع ابنك بأهمية الدراسة والتعلم فتتشكل عنده قناعة داخلية تشكل محفزا داخليا لا يرتبط بالعقاب أو المكافأة الخارجية ويستمر معه إلى آخر حياته. وهذا الأمر أجريت عنه أبحاث علميه كثيرة تم ذكرها في كتاب المحفز. باختصار: "التربية السليمة تقتضي أن تورّث لابنك قناعات حتى تشكل عنده محفزات داخلية ليقوم بمهامه".

يقول الفيلسوف نيتشه: "من لديه لماذا لن تكون لديه مشكلة مع الكيف"، فالتربية لا تعني فقط أن نضع حدودا وأن نقول للطفل نعم ونقول له لا. وأن نعاقبه إن أساء وأن نكافئه إن أحسن. التربية أيضا أن نزرع لدى الطفل القناعات الصحيحة التي تبين له لماذا نحن قلنا له لا ولماذا قلنا له نعم.

وهذا يتماشى مع الآية القرآنية التي تقول أن الأمامة في الدين تتحقق فقط لمن له صبر ويقين، قال تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"﴿ السجدة: ٢٤﴾. وحتى يستطيع الإنسان أن يصبر على شيء فلا بد أن يكون عنده يقين بالنتيجة التي سيحصل عليها.

لكن يجب علينا أن ننوه إلى أن هنالك فرقا بين الدلال والكبت والتربية. فالدلال هو إعطاء الولد الحق في أن يفعل ما يشاء متى يشاء. والكبت -منع الولد بطرق إرهابية شتى. أما التربية -والمقصود الشرح (شرح حسنات وسيئات كل فعل) والمتابعة والمراقبة والمفاوضات والتفويض -فهي صعبة وتحتاج إلى وقت وجهد، لذلك يلجأ أكثر الآباء إلى النوع الأول والثاني.

نذكر هنا بعض التمارين التي قد تبدو أنها بسيطة لكن لها أثر عظيم على تقوية الإرادة والتحكم بالذات عند الأطفال مثل: فتح الهدايا فقط بعد انتهاء الحفلة، أو أكل الحلوى فقط بعد انتهاء الطعام أو إقناعهم وإلزامهم بتبادل الألعاب مع الآخرين، أو عدم شراء لعبة لكل ولد في البيت، بل تحفيز الأولاد في البيت على الاكتفاء على سبيل المثال بحاسوب لوحي واحد، أو إذا ذهبت إلى الحانوت لتشتري وصحبت ابنك معك فلا تجعله يختار ما يشاء من حلويات وأغراض أخرى وإنما صمم على أنه يستطيع أن يشتري شيئا واحدا. طبعا في كل مرة تشرح له لماذا تقوم بذلك حتى تشكلك عنده القناعات الصحيحة. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة