الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 21:01

الرؤيا والعبارة: دراسات في الأدب والفكر والتاريخ للدكتورة وداد القاضي

كل العرب
نُشر: 04/08/15 19:07,  حُتلن: 19:47


صدر عن دار المشرق في بيروت كتاب بعنوان "الرؤيا والعبارة" للدكتورة وداد القاضي بتحرير الدكتور بلال الأرفه لي أستاذ الدراسات العربيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت. يجمع الكتاب عشرين مقالة بالعربيّة للدكتورة وداد القاضي في ثلاثة محاور: الأدب والفكر والتاريخ. وكانت القاضي أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة شيكاغو قبل تقاعدها وتفرّغها للبحث والكتابة. وقد كتبت هذه المقالات ونشرتها في مجلات متفرّقة في فترات مختلفة من حياتها المهنيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت وجامعات كولمبيا وييل وشيكاغو. وقد أشار الأرفه لي في مقدّمته للكتاب إلى أنّ الدكتورة القاضي قد واصلت الكتابة بالعربيّة إلى جانب الإنكليزيّة حتّى بعد انتقالها إلى الولايات المتّحدة لإيمانها بالعربيّة لغةً بحثيّة، ولمدّ جسور معرفيّة بين الشرق والغرب في حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة. وقد استطاعت القاضي أن تشكّل مدرسةً فكريّة تخرّج على يدها العشرات من الباحثين الذين يتبوّأون اليوم أبرز المناصب والكراسي البحثيّة في الولايات المتّحدة والعالم. وقد نالت وداد القاضي عشرات الجوائز العلميّة والأوسمة والتكريمات منها جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب لعام 1982، وجائزة الملك فيصل في مجال الأدب العربي لعام 1994، والدكتوراه الفخريّة من الجامعة الأميركيّة في بيروت عام 2012.وقد اهتمّت مقدّمة الكتاب بعرض سيرة الباحثة والإضاءة على منجزاتها الأكاديميّة.



ينبّه الأرفه لي إلى أنّ وداد القاضي تقارب في كتاباتها جوانب متعدّدة من الحضارة العربيّة الإسلاميّة قلّما طرقها باحث واحد، منها الفكر الإسلاميّ المبكّر، والتفاسير القرآنيّة، واستعمال القرآن في الأدب، وعلم الكلام، والفرق الإسلاميّة، والتاريخ، والمخطوطات والبرديّات المبكّرة، والفكر السياسيّ، والطبقات، والنثر الفنّيّ المبكّر.وتطرّق مقالاتها المجموعة في هذا الكتاب إلى مختلف هذه القضايا. ولعلّ المقالة الأهمّ في الكتاب هي الأولى منه والتي يجعلها الأرفه لي بمثابة مقدّمة. تحمل المقالة عنوان "قضيّة المرجعيّة بين الشرق والغرب ومستقبل الدراسات العربيّة والإسلاميّة في العالم الجديد". تصف هذه المقالة-المقدّمة واقع حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة وازدواجيّة المرجعيّة فيه وتَحَدُّد قطبيها بشرق إسلاميّ وغربٍ غير إسلاميّ كلاهما ينكر الآخر ويصوغ تصوّرًا مختلفًا للحضارة. تتبّع حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة خاصّة في الغرب وتطرح خارطة للطريق نحو مستقبل واعد له يشارك فيه العرب البناء والبحث. يشعر القارئ هنا بتقصير العرب في دراسة تراثهم ولكنّها في الوقت نفسه مقالة متفائلة تحثّ الجميع على العمل.


د. وداد القاضي

يعنى القسم الأوّل من الكتاب بالأدب وتعالج القاضي في مقالات هذا القسم مصطلحات ومفردات محدّدة، الفتنة مثلاً، في كتابات عربيّة مبكّرة. وتقدّم الباحثة أيضًا صورًا للنثر العربيّ المبكّر واستعمال القرآن الكريم في تلك الفترة. ويعالج قسم من المقالات مسائل لغويّة أو ثيمات كالغربة والغرابة بمستوياتهما المختلفة أو مسألة تأثّر كاتب معيّن بغيره. تتنوّع أشكال النصوص الأدبيّة التي تحلّلها القاضي بين رسائل وكتب ومقامات. ويلاحظ عدم استعانة القاضي عامّة في كتاباتها بنظريّات الأدب الغربيّة، فمنهجها قائم على الفلولوجيا أو الدراسة المتأنّية واللغويّة للنصوص مستعينة بحسّ أدبيّ عالٍ تنطلق منهما إلى كشف خفايا النصوص الأدبيّة أو إلى التحقّق من مصداقيّتها وتاريخيّتها.
يعنى القسم الثاني بالفكر خاصّة الفكر السياسي في عصور شتّى. تطرح القاضي في هذا القسم أسئلة مثل: هل يجوز أن يصحب المفكِّر صاحبَ السلطان السياسيّ؟ وتأتي الإجابات معقّدة وغير حاسمة وتتناول فكر أعلام كأبي حيّان التوحيدي وأبي مروان ابن حيّان ولسان الدين ابن الخطيب وأبي حمّو الزيّاني الثاني وابن باديس. وتخصّص القاضي في هذه المقالات قسمًا لا بأس به للمجتمع، ركائزه الفكريّة وعلاقته بالدولة والسياسة. ما يغيب هنا هو مقارنة الفكر السياسيّ العربيّ أو الإسلاميّ عامّة بالفكر السياسيّ الأوروبيّ والذي لا يبدو أنّه أمر شغل الدكتورة القاضي.
أمّا القسم الثالث من الكتاب فقد خصّصه الأرفه لي للتاريخ. وهنا نرى القاضي تسأل وتنتقد وتراجع وتصوّب وتوثّق بتواضع وموضوعيّة بالعودة إلى أمّهات الكتب والوثائق عوضًا عن إطلاق فرضيّات تاريخيّة كما يفعل العديد من المستشرقين. والملاحظ هنا تنوّع المصادر التاريخيّة في مقالات هذا القسم، لا من حيث النوع الأدبيّ فحسب، بل من حيث الطبيعة والمادّة، كاعتماد الكاتبة على النقوش والنقود والمكاييل والأوزان. وجاء توظيفها للبرديّات العربيّة واليونانيّة والقبطيّة التي تعود إلى الفترة الأمويّة ليعزّز من التوجّه الذي اعتمدته في دراستها لبدايات الدولة الإسلاميّة. ونراها تقارن المعلومات المستخرجة من المصادر المادّيّة بالمصادر الأدبيّة المشكَّك بها بتأنّ شديد، وتؤسّس بذلك منهجًا يمهّد لقيام حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة على أسس وقواعد ثابتة كما يشير الأرفه لي في مقدّمته. فمنهجيًّ تسأل القاضي: ما العلاقة بين المادّة التاريخيّة الواردة في المصادر الأدبيّة -كتب التاريخ خاصّةً- وبين مختلف أنواع الوثائق وخاصّةً البَرديّات؟ ومقالتيها "نحو منهج سليم في قضية موثوقيّة الرسائل العربيّة الإسلاميّة المبكّرة" و"مدخل إلى دراسة عهُود الصلح زمن الفتوح" تشكّلان مثالين في هذا المجال لا غنى عنهما للباحثين في قضيّة موثوقيّة النصوص. ويهتمّ هذا القسم من الكتاب أيضًا بالتأريخ وتاريخ المؤسّسات العلميّة وقضيّة الفهرسة.


الدكتور بلال الأرفه لي 

أمّا فيما يختصّ بعنوان الكتاب فيعيدنا الأرفه لي إلى عبارةالنِّفَّري الصوفيّ "كلّما اتّسعت الرؤيا ضاقت العبارة" والتي تشير إلى اختزال الصوفيّ للمعاني. فميزة مقالات وداد القاضيبالنسبة للمحرّر، علاوةً على شموليّة البحث وعمقه، تكمن في جمعها بين رؤيا متجذّرة في التاريخ والفكر العربيّ الإسلامي وعبارة دقيقة واضحة منسابة، ومن هنا وُلد عنوان الكتاب -الرؤيا والعبارة- والذي وضعه الأرفه لي كما يقول في مقدّمته بين أيدي القرّاء والدارسين تكريمًا لوداد القاضي واعترافًا بفضلها على حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة. وقد صدر الكتاب عن دار نشر أكاديميّة التوجّه مدقّقًا يكاد يخلو من أي خطأ مطبعيّ ومفهرسًا بشكلٍ وافٍ. ونرى أنّ اختيار المقالات وترتيبها في المحاور الثلاثة بدلاً من الاعتماد على تاريخ صدور المقالات جاء موفّقًا يخدم الغرض من الكتاب. وقد جرت العادة الأكاديميّة في الغرب على جمع مقالات الأساتذة الكبار في كتب مخصّصة في موضوعات معيّنة غير أنّ هذا العادة قليلاً ما تُتّبع في العالم العربي نظرًا لغياب دور النشر الأكاديميّة ولكلفة مثل هذه الكتب. ونرجو أن ينبري علماؤنا الشباب ودور النشر إلى الاهتمام بمثل هذه الكتب الهادفة.


مريم مشتاوي - الكاتبة والشاعرة اللبنانية

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.66
USD
3.95
EUR
4.62
GBP
259181.91
BTC
0.51
CNY