الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 18 / مايو 16:02

مبروك أفراحكم ولكن إرحمونا يا عباد الله/ بقلم: رافع أمارة

كل العرب
نُشر: 22/08/15 09:37,  حُتلن: 13:30

رافع أمارة في مقاله:

أعتقد أنّه يجب التقيّد بمبلغ متواضع من النقوط يستطيع الضيف احتماله ولا يثقل على والد العريس في المستقبل

المعانقة والقبلة تعيق دخول المشاركين بالفرح ثقيلة ومضنية للعريس ولوالده ولمن يقفون إلى جانبهم وغير مستحبة صحيًا

والد العريس الذي يتلقى التهاني والمباركات اليوم ينتظره التزام ثقيل وطويل في المستقبل للقيام بالواجب تجاه الناس الذين شاركوه

لا يعقل أن توزع الدعوات على اليمين وعلى اليسار لأن فلان وعلان يشارك بالأعراس دون أن تربطه به سوى الحد الأدنى من العلاقة الأدبيّة والتحيّة في المناسبات

سأطرح في هذا المقال بعض الملاحظات فيما يخص أعراسنا التي أصبحت حملًا يثقل كاهل الدّاعي والمدعوّ، لا أعني ولا أقصد أَحدًا بعينه لا من قريب ولا من بعيد وهدفي الوحيد هو الإصلاح والابتعاد عن البذخ والتبذير والإزعاج كي لا تنزلق إلى أماكن لا تحمد نتائجها.

الدعوات للأعراس
يقال إنّ عدد سكان كفركنا عام 1948 كان لا يتعدى الألفي نسمة ومنذ ذلك الحين تكاثر عدد السكان أكثر من عشرة أضعاف، وعليه فقد كانت الأعراس قليلة وكانت مناسبة سعيدة يجتمع بها الأقارب وأبناء البلد الواحد على مائدة الطعام وكلٌّ يساهم في تكاليف الفرح حسب قدرته.

اليوم ومع تغيّر الظروف الحياتيّة والاجتماعيّة وزيادة عدد السكان في البلد فلا بدَّ أن نتوقف ونتساءل هل ما كان صحيحًا قبل ثلاثين عامًا يصحَّ في أيّامنا هذه؟ والجواب طبعًا لا.


لقد كانت الأفراح في حينه في ساحات البيوت أو في الشّارع بين البيوت وكانت تكفي وتزيد، واليوم حتى القاعات المفتوحة المقامة على آلاف الأمتار المربعة أصبحت تختنق بالمشاركين وسيّاراتهم.
لا أريد أن أخوض في عنصر التشبّه والمنافسة بين بعضنا البعض (ليس الكل) حول من كان عنده عددًا أكبر من الضيوف.

بالسطر الأخير ما أريد أن أقوله إنّ الدَّعوات يجب أن يحكمها معيار معيَّن وهو أنّ والد العريس يقوم بدعوة أقاربه، جيرانه، أصدقائه ومن تربطه بهم علاقة اجتماعيّة أو علاقة عمل قويّة، حيث لا يعقل أن توزع الدعوات على اليمين وعلى اليسار لأن فلان وعلان يشارك بالأعراس دون أن تربطه به سوى الحد الأدنى من العلاقة الأدبيّة والتحيّة في المناسبات أو في الشارع.

بناءًا على ما تقدَّم أتمنى أن نعيد النظر باختيار المدعوّين إلى أفراحنا ونلطف ببعضنا البعض لأنّه بصراحة كل شيء زاد عن حدّه انقلب إلى عكسه وبصراحة كما قالت العرب: بلغ السيل الزبى.

النقوط:
كما ذكرت سابقًا، كانت الأعراس في الماضي قليلة، ولذلك كان لها طعم خاص واليوم مع استلام شلال من الدَّعوات إلى الأعراس أصبحت الأعراس حِملًا ثقيلًا من النّاحية الماليّة بحيث إنها أصبحت عبئًا على أصحاب الدخل المحدود.

وفي هذا السياق، أؤكّد بأنّه من الأولى دينيًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا أن يصرف مدخول الإنسان على لقمة العيش لأهل بيته وتربية أولاده وتعليمهم، ولا ننسى أن من يقدم السبت سينتظر الأحد بمعنى أن والد العريس الذي يتلقى التهاني والمباركات اليوم ينتظره التزام ثقيل وطويل في المستقبل للقيام بالواجب تجاه الناس الذين شاركوه.

لذلك وعلى ضوء ما ذكر سابقًا أعتقد أنّه يجب التقيّد بمبلغ متواضع من النقوط يستطيع الضيف احتماله ولا يثقل على والد العريس في المستقبل والجميع أحرار.

القبلات جميلة ولكن ليس في الأعراس:
إنّ العلاقات بين الناس هي على درجات متفاوتة من القرب والمودَّة والمحبّة وهذا شيء طبيعي وأنا، كغيري، أحب الخير لكل الناس ولكل منا دائرة علاقاته وصداقاته الخاصة. المعانقة والقبلة بين شخصين عادة هي ترجمة وتعبير عن مدى المحبة والاشتياق التي يكنها كل منهما إلى الآخر.
هنالك قانون في الاقتصاد مفاده انه إذا زاد العرض على سلعة معينة والطلب ثابت لم يتغير فإنّ ثمن هذه السلعة حتمًا سيتراجع وأترك لكم حرية التفسير.

لا أريد أن أطيل في هذا الشّق ولكن اكتفي بأن أقول بأنّ هذه العادة التي تلزم العريس ووالده بتبادل المعانقة والقبلات مع آلاف الضيوف لهي عادة غير مستحبة. المعانقة والقبلة تعيق دخول المشاركين بالفرح، ثقيلة ومضنية للعريس ولوالده ولمن يقفون إلى جانبهم وغير مستحبة صحيًا.

إذا لم أعانق وأقبل العريس ووالدة فذلك لا يعني أنّي لا أحبهم أو أنّي لست فرحًا لفرحهم، وإذا قبلتهم فذلك لا يعني بالضرورة أني أهيم بهم. وبناءًا على ما تقدّم، حبذا لو تمّ الابتعاد عن هذه العادة غير المستحبّة منطقيًّا واجتماعيًّا وصحيًّا.

الفرح نعم، الإزعاج لا وألف لا:
الجانب الأخير في ملاحظاتي عن برامج الأعراس والأفراح في مجتمعنا هو ضجيج السّماعات. أنا لا أنكر لا سمح الله حق أيّ شخص في هذا البلد أن يفرح كما يشاء بالطريقة التي يراها مناسبة وكيفما شاء، ولكن حقّه هذا ينتهي عندما يتم الاعتداء بشكل صارخ على حرّيّات وراحة بقيّة المواطنين في البلدة.

باختصار شديد، المقصود هو صوت السماعات للذي يدوي عاليًا حتّى ساعات بعد منتصف الليل.

وهنا أتوجه لإدارة المجلس المحلي بأخذ المبادرة عن طريق سن قانون مساعد يخوّل المجلس المحلي بالتدخّل في الحالات التي يتم بها إزعاج المواطنين دون حسيبٍ ولا رقيب.

فما ذنب الأولاد والأطفال الذين سيذهبون إلى مدارسهم وما ذنب العمال الذين سيذهبون إلى أعمالهم فجر اليوم التالي؟ ألا يستحقّون أن يشعروا بالرّاحة التّامّة في بيوتهم وأن يخلدوا إلى النوم كما يحلوا لهم.

كفانا مجاملةً لبعضنا البعض على حساب راحتنا وراحة أولادنا. فكلّ ما نطلبه خفض صوت السّماعات وعدم إلزام الآخرين بالمشاركة بالسهرة من بيوتهم رغم أنوفهم.

أرحمونا يرحمكم الله.

كفركنّا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة