الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 23:01

لبناني يبحث عن تراث أبيه وجده بين النفايات/ بقلم: مريم مشتاوي

كل العرب
نُشر: 25/08/15 14:45,  حُتلن: 16:53

كمواطنة مغتربة وصلت إلى بلدي ملهوفة تحملني رائحة الحنين ... وما أن خطوت خطوتي الأولى خارج مطار بيروت حتى استقبلتني رائحة لا تشبه رائحة الوطن.. رائحة لا تبعث على الغثيان بل قد تسبب حالات من الإغماء لشدة قوتها ... أقسم بأنها حقيقة لا مبالغة فيها...

لم تنته رحلة العذاب في أجواء مطار بيروت ولكني صدمت والسيارة تشق طريقها بين جبال مرتفعة من النفايات ممتدة على طول الشوارع...

وصلت إلى المنزل لأكتشف أن الكهرباء متواطئة مع الداخلية في رحلة نقاهة ولا تأتي إلا لساعات قليلة ...
وأن المياه شبه مقطوعة ..

والذباب يحتشد في معظم الأمكنة ليرسم وجوهاً يألفها معظم اللبنانيين...

والفئران التي تقتات من النفايات تمرح وتسرح في المباني السكنية...

ومن المضحك المبكي قصتي مع سائق التاكسي... فقد طلبت سيارة تاكسي لتقلني إلى مبنى الجامعة ولكن السائق كان ثرثاراً مسلياً من الدرجة الأولى فلم يتردد بإخباري عن السواح الذين طلبوا منه في الليلة السابقة أن يوصلهم إلى مطعم بجانب الروشة ... وقال لي بالحرف الواحد : شعرت بالخجل لأني كنت أعرف أني سأوقف سيارتي فوق النفايات وأن عليهم أن يمشوا فوقها ليدخلوا المطعم...

فلم أخبرهم بشيء ... تعرفين، هذا وطني وأحاول أن أكنس نفايات لا يراها سوى أمثالنا ... لذلك قدتهم إلى المطعم وأنا أمازحهم وأخبرهم عن جبال الأرز... وحين وصلنا صعقوا ... لم يترجلوا من السيارة وطلبوا مني العودة فوراً إلى الفندق...

حين كرمت، أنا المغتربة، كوني شاعرة ودعيت لإحدى مراسم تخرج الطلاب في واحدة من أهم جامعات بيروت شاهدت فيديو عن مشروع التخرج الأخير لمجموعة من الطلاب .. وتخيلوا المفاجأة: كان المشروع عن النفايات وكأنما لم يعد في الوطن موضوع غيره...

وأذكر أن أحد الطلاب في الفيديو كان يمثل دور شاب يبحث تائهاً بين النفايات أمام الجامعة فسألته زميلة كانت مارة صدفة : ماذا تفعل؟

فأجابها: أحاول أن أجد بين النفايات تراث أبي وجدي..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة