الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 04:02

قراءة في المشهد الانتخابي بتل أبيب

العرب
نُشر: 05/10/08 11:57

* يوسي سريد يعلن عن دعمه للنائب حنين، وحنين ينجح بحشد ألف مؤيد في اجتماع له!

* فيما يلي استعراض للخارطة السياسية في تل أبيب يافا

* و.. الحقيقة حول تعاون قائمتي "يافا" و"مدينتنا جميعا"


أقامت حركة "مدينتنا جميعا" الأسبوع المنصرم لقاء احتفاليا لأعضائها الأعياد، شارك به أكثر من ألف من أعضاء الحركة ونشطائها ممن أتوا بأغلبهم بقمصان كتبت عليها الشعارات المؤيدة للحركة ولمرشحها لرئاسة بلدية تل أبيب- يافا، النائب دوف حنين، عضو الكنيست من الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة.
وإلى جانب البرنامج الفني قدم حنين خطابا مركزيا، حيا فيه حماسة أعضاء الحركة قائلا "بات واضحا منذ مدة غير قصيرة أننا لسنا قلائل وأننا بهذه الطاقات والمعنويات قادرون على إحداث التغيير لصالح تل أبيب ويافا، ومن أجل إعادة المدينة لسكانها!"
وقال حنين أن هذه المعركة الانتخابية في تل أبيب- يافا هي الأشد حرارة بفضل ما أدخلته "مدينتنا جميعا" من حراك على الساحة المحلية، مؤكدا أن اخراج الناس عن لا مبالاتهم وضمان رفع نسبة المشاركة في الانتخابات هو الوسيلة الأنجع لإحداث التغيير في البلدية.

* يوسي سريد: أنا مع دوف حنين *
هذا ومقابل حملة التحريض على النائب حنين، فقد تواصلت حملة الدعم والتأييد له من قبل أطراف مختلفة، فقد أعلن وزير المعارف الأسبق يوسي سريد عن دعمه لحنين، علما أن اسم سريد، الذي قاد "ميرتس" لسنوات طويلة، كان مطروحا بقوة للترشح في الانتخابات القريبة، وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قد أجرت لقاء صحفيا مع سريد حول دعمه لحنين، وفيه من جهة، إطراء لحنين ومواقفه والبديل الذي يطرحه ومن جهة أخرى نقد لاذع للنائبة شيلي يحيموفيتش على تحريضها ضد النائب حنين، بحجة أنه "مناهض للصهيونية، لا ينشد النشيد الوطني "هتكفا" أو يقف احتراما له ويوعظ دعما لرفض الخدمة العسكرية." ووصف سريد يحيموفيتش بأوصاف لاذعة ففي موقع واحد قال "هنالك بهائم لا تتقن إلا التحرش ببنات جنسها" وفي موقع آخر قال "الزنجي بدل جلده، فما الجديد؟ لا شيء! شيلي هي مقاولة ولا شيء أقرب إليها منها"! في إشارة إلى أنانيتها المفرطة!
كما أعلنت "الحركة الخضراء" عن دعمها لحنين، وفي بيان بهذا الخصوص جاء "لا أمر أكثر طبيعية ومنطقيا من التجند لمساندة "مدينتنا جميعا" ودوف حنين للمعركة في تل أبيب. كخرّيجي الأطر البيئية والاجتماعية التي قادت النضالات المركزية في هذه المجالات في السنوات الأخيرة، وجدنا بدوف حنين، منذ كان رئيسا لمنظمة السقف الأعلى للحركات البيئية، "الحياة والبيئة"، ومن ثم كونه رئيسا للوبي البيئي الاجتماعي في الكنيست، شريكا وقائدا فعالا ومخلصا لكل الأطر البيئية، انسانا عميقا وفعالا لا مثيل له.
وواصل البيان "دوف حنين هو أب الثورة التشريعية الخضراء في الكنيست، والقوانين التي بادر إليها هي انجازات كبيرة الأهمية بالنسبة للحركة البيئية كلها. فكرة أن يكون دوف حنين رئيسا للبلدية تعصف بالمخيلة وتبث تفاؤلا طالما افتقده سكان تل أبيب.
"تمكنا من التعرف والانطباع عميقا من حركة مدينتنا جميعا، التي قد تبدو وكأنها مجرد قائمة محلية، لكنها عمليا أكثر من ذلك. "مدينتنا جميعا" هي تعهد عملي بسياسة أخرى، ديمقراطية، شفافة، متساوية وتقدمية، إنها إطار يمنح تمثيلا حقيقيا لمجموعات وأوساط مختلفة وتهتم بلا مواربة بالمواضيع المهمة حقا لسكان المدينة. التغيير الذي تقوده "مدينتنا جميعا" في تل أبيب هو الإيحاء للتغيير الذي نرغب به في الدولة كلها."
هذا وأعلنت حركة "رينت كونترول" الفاعلة للتحكم بأسعار الشقق وأقساط إيجارها عن انضمامها إلى "مدينتنا جميعا"، علما أن هذه الحركة التي تضم ألوف الأعضاء رسميا، تمكنت من وضع دراسة مهنية اعتمادا على تجارب عالمية مختلفة للتغلب على ارتفاع أجور الشقق، وقد تحولت هذه الدراسة إلى جزء من برنامج الحركة بخصوص إيجاد حلول للسكن.
وحول انضمام هذه الحركة إلى مدينتنا جميعا، يقول أحد مؤسسيها، يونتان مشعل " أقيمت رينت كونترول في فترة أدرك بها كثر من المدينة أن أزمة السكن لا يمكن أن تستمر وأن هنالك ما يمكن القيام به اعتمادا على تجارب مدن أخرى من العالم. وقد تمكنا من استقطاب جمهور واسع قضمت أجور الشقق أجزاء كبيرة من معاشاتهم أو زجت بهم إلى ما خارج المدينة. خلال العام الأخير أدرنا نضالا جماهيريا متواصلا وعنيدا للمطالبة بحلول جيدة للجم هذه الظواهر. وعندما أدركنا أننا لن ننجح بإلزام البلدية الحالية ورئيسها بإيجاد الحلول الحقيقية للمشكلة، قررنا إتخاذ خطوة سياسية- الانضمام إلى "مدينتنا جميعا" التي وجدنا بها حضنا داعما لحلول أزمة السكن التي طرحناها في العام الأخير. "مدينتنا جميعا" هي البديل الجدي الوحيد لسياسة حولدائي وهي القادرة على تحسين وضع السكن في المدينة وتمكننا من مواصلة العيش هنا."
 هذا ونعيد التذكير أن منظمة مشجعي فريق هبوعيل تل أبيب، كانت من أول الأطر التي قررت وبشكل رسمي دعم دوف حنين لرئاسة البلدية.

* حولدائي نجح بفضل اللامبالاة *
في "مدينتنا جميعا" يقيمون التجاوب الجماهيري الكبير مع ترشح دوف حنين بكثير من الاهتمام، إذ أن اللامبالاة هي العدو الأول لهذه الحركة، ففي الانتخابات المنصرمة، عام 2003 أنتخب حولدائي لرئاسة البلدية بأصوات 63% ممن خرجوا إلى التصويت والذين لم تتجاوز نسبتهم في حينها الـ 26% أي أن حولدائي أنتخب بأصوات 16% من أصحاب حق الاقتراع فقط، وهي نسبة منخفضة للغاية، والتحدي الأكبر أمام "مدينتنا جميعا" اليوم هو بإخراج الناس عن لا مبالاتهم، ولهذا الغرض تقوم الحركة أسبوعيا بالتقاء مئات المواطنين إن كان عبر الحلقات البيئية أو بتنظيم حلقات للنقاش في الحدائق العامة والشوارع، هذا بالإضافة إلى الحملة الاعلامية الضخمة في الانترنت، والتي يقوم عليها عدد كبير من المعنيين تطوعا وتفوق حملة رئيس البلدية الحالي بعدة مرات!
وبالفعل، تشير كل التوقعات إلى أن هذه الانتخابات ستشهد ارتفاعا ملحوظا بنسبة الناخبين.

* الأحزاب الكبيرة: إما أن نكون أو..*
الانتخابات البلدية في تل أبيب- يافا تحظى بأهمية خاصة لدى الأحزاب الكبيرة، خاصة كونها قد تقول الكثير حول قوة هذه الأحزاب في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأكثر الأحزاب اهتماما بها هو حزب "ألعمل" كون حولدائي آخر رؤساء البلديات الكبيرة من هذا الحزب، وسيعمل "العمل" على توفير كل الامكانيات لحولدائي من أجل تعزيز قوته، وهو ما نشهده بتجند كتلة العمل البرلمانية مثلا!
تجدر الإشارة إلى أن حولدائي لا يقف على رأس قائمة "العمل" إنما على رأس قائمة محلية اسمها "تل أبيب 1" والتي تضم في مركزها مرشحين عن "العمل" وستضم في الانتخابات القريبة أيضا مرشحين عن قائمة "كديما".
"تل أبيب 1" احتلت في الانتخابات الأخيرة، عام 2003 المرتبة الثالثة، إذ حصلت على أربعة مقاعد بينما حصلت قائمة "القوة للمتقاعدين" على الموقع الأول مع ستة مقاعد وميرتس المكان الثاني مع خمسة مقاعد.
هذه الانتخابات مصيرية أيضا بالنسبة لحزب "ألخضر" إذ أن تل أبيب تعتبر قلعته، وقد حصل هذا الحزب في الانتخابات المنصرمة على 4 مقاعد وأشغل رئيسه، بئير فيسنر، منصب نائب رئيس البلدية وهو اليوم مرشح للرئاسة. هذا الحزب يعيش اليوم أزمة حقيقية، بسبب القطيعة العميقة بينه وبين مركبات الحركة البيئية في البلاد التي ترى به- بسبب موقعه شريكا في إدارة بلدية تل أبيب- جزءا من المشكلة، كما يفتقر هذا الحزب لأي برنامج سياسي أو اجتماعي أدنى، فنجد أن رئيسه لم يتوان عن مهاجمة "مدينتنا جميعا" مدعيا أنها لا تملك أي أجندة بيئية أو غيرها ولا همّ لها "إلا إعادة الوقف الإسلامي لأصحابه" علما أن هذا ليس تجنيا على الحركة التي تضع قضية الأوقاف في برنامجها فعلا!
بقي أن نشير في هذا الصدد إلا أن الاستقرار المادي الذي تعيشه بلدية تل أبيب انعكس أيضا على الائتلاف الذي تمكن حولدائي من بنائه حوله إذ أنه تمكن من بناء تحالف يضم 29 عضو بلدية من أصل 31!!

* ميرتس في مأزق! *
إحدى أكثر القوائم تخبطا في هذه المعركة هي قائمة ميرتس، والتي تعد من أقوى القوائم في تل أبيب. فكتلتها في البلدية، كانت قد سارعت مع ظهور حركة "مدينتنا جميعا" إلى الخروج من الائلاف البلدي لتتمكن من الادعاء أنها توفر بحق بديلا لسياسة حولدائي. هذا القرار بالانسحاب من الائتلاف البلدي لم يكن إلا الخطوة الأولى لاتمام الانقلاب في الحركة ضد القيادة التقليدية ممثلة بالنائبة السابقة ونائبة حولدائي، يعيل ديان، التي تلقت صفعة مدوية في الانتخابات التمهيدية في الحركة، فانشقت وانضمت إلى قائمة حولدائي.
ميرتس اليوم، بقيادة الناشطة الاجتماعية ميطال لهافي في مأزق إذن: من جهة واحدة القيادة الجديدة لا تستطيع أن تدعم حولدائي، لأنها بهذا تفقد شرعية الانقلاب الذي قامت به، لكنها من جهة أخرى غير معنية بدعم المرشح الجبهوي لرئاسة البلدية، وهذا على ما يبدو بضغط من بعض أطراف القيادة القطرية للحركة. فكانت هنالك ضغوط على النائب ران كوهين بالترشح إلا أنه رفض ذلك وأما يوسي سريد فقد أعلن دعمه لحنين، ليظل موقف ميرتس غامضا بشكل مرتبك، بفضل ترشح النائب حنين. إلا أن التوقع هو أن تقوم أغلبية مؤيدي ميرتس بما في ذلك القيادة المحلية للفرع بدعم النائب حنين من خلف الستار.

* "يافا" و"مدينتنا جميعا"، نحو مزيد من التعاون *
 وإلى جانب كل القوائم سابقة الذكر تخوض هذه الانتخابات أيضا قائم "يافا" العربية، وهي ثمرة التعاون ما بين فرعيّ الجبهة والتجمع في يافا.
وقد أديرت مفاوضات حتى مرحلة متقدمة بين "مدينتنا جميعا" و"يافا" لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة الأمر الذي لم يتسن بسبب الظروف الموضوعية في المدينتين: تل أبيب ويافا.
وقد تم الاتفاق بين القائمتين على استمرار التعاون المكثف قبل الانتخابات وبعدها. فمن جهتها، تقترح قائمة "مدينتنا جميعا" على "يافا" التوقيع على اتفاق فائض أصوات والتوصل إلى تفاهم تتعهد به "مدينتنا جميعا" بعدم التضييق على القائمة اليافاوية وتمتنع عن إدارة حملتها الانتخابية في أحياء يافا العربية.
وفي هذا الصدد نشير إلى أن نشطاء "مدينتنا جميعا" العرب قد امتنعوا عن الترشح في إطار القائمة بأماكن مضمونة لعدم التضييق على قائمة "يافا" وهذا لا يعني بأي من الأشكال أن "مدينتنا جميعا" ليست حركة عربية يهودية، فهي كذلك منذ إقامتها حيث عقدت مع بداية مشوارها عددا من اللقاءات مع قادة الجمهور العربي في يافا بهدف العمل المشترك على بناء هذه الحركة وكان اللقاء الإعلامي الأول لحركة "مدينتنا جميعا" قد عقد في يافا، في مكتب المحامي أمير بدران، أحد مؤسسي "مدينتنا جميعا" والمرشح الثالث اليوم في قائمة "يافا" والمتحدث باسمها.
كما أن قائمة "مدينتنا جميعا" الانتخابية تضم مرشحين عربا من سكان تل أبيب، للاهتمام بقضايا جمهور الطلاب والعاملين في المدينة من العرب، وعلى رأس هذه المجموعة من المرشحين العرب تقف الفنانة العربية المعروفة، ميرا عوض، وذلك انطلاقا من تعريف "مدينتنا جميعا" لمدينة تل أبيب نفسها أنها هي أيضا مدينة مختلطة فيها متسع للمواطنين العرب وتمثيل قضاياهم، ناهيك عن مدينة يافا.
من جهته فقد أبدى النائب دوف حنين، أسفه لعدم نضوج الظروف لخوض الانتخابات في قائمة مشتركة تضم "مدينتنا جميعا" و"يافا" وقال في هذا الصدد "من ناحيتي فإن خوض الانتخابات بقائمة مشتركة هي الوسيلة الأفضل والأصح للتنافس. رغم كل الاختلافات بين مدينتي تل أبيب ويافا، فقد اعتقدت وما زلت، أنه من الأفضل والأصح التنافس بخوض الانتخابات بقائمة واحدة لمجلس بلدي واحد. وقد سرني أن تقبل مدينتنا جميعا موقفي بضمان مكان مضمون لممثل يافا العربي في قائمة مدينتنا جميعا. من ناحيتي ضمان هذا التمثيل ليس مسألة انتخابية إنما ترجمة لموقف مبدئي."
وأضاف د. حنين "إنني أرى بنفسي ملتزما بلا شك لحركة مدينتنا جميعا، ليس فقط لأنني من مؤسسيها إنما لأنني أرى بها مشروعا سياسيا يحمل الكثير من التغييرات العابرة لحدود تل أبيب يافا، ولكن هذا لن يمنعني من بذل كل الجهود أيضا لمساندة الإخوة في يافا لتتمكن قائمة "يافا" من دخول المجلس البلدي، فأنا أحترم هذه القائمة وأحترم قادة المجتمع العربي في يافا ممن يقفون على رأسها قائمة وأحترم قراراتهم وإنني أتلقى بارتياح الأخبار عن نشاطهم الدؤوب وتثلج صدري توقعاتهم بالتمكن من إيصال عضوين اثنين إلى المجلس البلدي، فهذا الانجاز لن يكون لصالح المجتمع العربي في يافا وحده، إنما للمعركة الدمقراطية في اسرائيل برمتها وهو انجاز حقيقي.!

مقالات متعلقة