الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 12:02

الوحدة والانعزال وما بينهما- بقلم الاستاذ عبد الرحيم داود كبها – ام القطف

كل العرب
نُشر: 16/03/10 11:25,  حُتلن: 14:56

* مسار المعاناة مع الوحدة بمراحلها المختلفة المعانات العاطفية والجسمية قد تكون قاسية خاصة عند بعض النساء

* الحياة الاجتماعية والسهرات العائلية والحديث المتواصل هو الجسر الذي تعبر عليه الارملة الى بناء حياة ارملة قوية معنويا ولذلك بقاء الانسان لوحده امر ممل جدا

* الارملة التي لا تعمل قد تجد نفسها في عزلة قاتلة تشبه القفر لان عدم ادارة حديث مع الاخرين عن امور الحياة او امكانية بناء علاقات اجتماعية مع الناس لهو امر جد خطير

ان بقاء الانسان وحيدا لهو حدث تراجيدي مؤثر له تداعياته وجرائره الامر الذي يخيم على حياة الفرد بكاملها ويعطل النظام المعتاد عليه للحياة.
وقد يكون الانعزال والوحدة للرجل بفقدان زوجها وقد يكون الامر اضعاف مضاعفة عند المرأة وقد تكون لاسباب اجتماعية سببها قوة الرجل وضعف المرأة.
ان مسار المعاناة مع الوحدة بمراحلها المختلفة المعانات العاطفية والجسمية قد تكون قاسية خاصة عند بعض النساء لان ذهه الازمة تجلب معها الكثير من التجارب غير المتوقعة وغير المعتادة والمؤلمة في نفس الوقت , وقد تعتري المراة اوضاع قد تحس معها انها لن تخرج مما فيه الى الابد . ولكن بعد نهاية فترة العزاء وعندما تجد المرأة نفسها ان الاصعب قد مضى وانها الان بعد الصدمة واذا وجدت نفسها بعد الصدمة ان بامكانها التفكير والعمل بمنطق سليم فانها حينئذن تجد نفسها في وضع المتحدية لامور الحياة ومصاعبها ومشاكلها . كثير من النساء يجدن العزاء في الدعم القادم من الاقرباء ابناء العائلة الاولاد والاحفاد . ولكن هذا الدعم سرعان غالبا ما يبدأ بالتلاشي وتنظر الارملة حولها لتجد ان اقساما من الحلقات حولها قد اختفت الا من سؤال عابر او لفتة خافتة او نظرة خجولة.
ان الانضواء بين اربعة جدران لهو امر جد خطير ما بعده خطر ,ان الحياة الاجتماعية والسهرات العائلية والحديث المتواصل هو الجسر الذي تعبر عليه الارملة الى بناء حياة ارملة قوية معنويا ولذلك بقاء الانسان لوحده امر ممل جدا وما علينا الا ان نوفر لجيل الرجال والنساء المتقدمين بالسن ان نوفر لهم سبيل الفلات من الوحدة وهو اما الانضمام الى نادي صباحي ومماسة الالعاب الرياضية الملائمة واجراء الفحوصات الطبية الملائمة كذلك ومحاولة دعم هذه الشريحة نفسيا .
اننا نجد اليوم نواد تطلق على نفسها نوادي"الجيل الذهبي" مررت بكثير منها لاجد ان غالبيتها لا تقدم حتى ادنى الخدمات وللاسف الرجال يجلسون في احد البيوت ويلعبون الورق او الطاولة ويعلوا صراخهم على امجادهم المفقودة عندما يغلبون متهمين الطرف الاخر بالسرقة او الغش وننتقل بعدها للشتائم واحيانا ما تكون علة طريقة المزح والهزل ولكنها تحمل بطياتها كثير من انعدام المستوى الادبي المطلوب الذي يضمن لرجل محترم يريد الانضمام اليها او المشاركة فيها .
وكثيرا ما نجد ان مسألة فقدان الزوجة عند الرجال سهل تعويضه بالبحث عن شريكة جديدة لان الدعائم الشرعية والاجتماعية وحتى القانونية متوفرة فكلنا نحفظ الاية الكريمة ))وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا))النساء:3.
او كالامثال التي تقول فيما معناه الرجل لا يصبر على الحياة وحيدا دون امرأة !؟ واذا عكسنا السؤال نجد من لا يسمعنا او حتى يستصرخنا .
ان الارملة التي لا تعمل قد تجد نفسها في عزلة قاتلة تشبه القفر لان عدم ادارة حديث مع الاخرين عن امور الحياة او امكانية بناء علاقات اجتماعية مع الناس لهو امر جد خطير , ان الارملة او المرأة الوحيدة اذا مكنتها صحتها فعليها ان تجد لنفسها مشاغل تمكنها من التعرف على الدنيا في الفعاليات التطوعية او في نادي نسائي يليق بمستواها...لخ من الفعاليات . وبعد كل هذا المراة التي باستطاعتها ان تفتح صفحة حياة زوجية جديدة هو منفذ محترم ويجب ان نساعدها على ايجاد فتحة هذا المنفذ لا ان نسد الطريق امامها ,هناك كثير من الابناء لا يتفهمون ان امهم بحاجة الى حياة انسانية وان اختيارها لزوج جديد يفسر عندهم كتنازل عنهم وهذا خطا نحن بحاجة الى التربية من اجله.
وضع النساء في صدر الاسلام وبعده كان في هذه النقطة افضل مما نحن عليه اليوم .
ان الاخلاص للاب لا يعني حرمان الام من حقها في زوج جديد ولان هذا الزوج يفسر على انه انما جاء طامعا وهنا يأتي دور الام الحكيمة التي تمرر هذا الموضوع بسلاسة وموضوعية وتفهم ابناءها .
ان الضرر الحاصل للارملة او المراة الوحيدة من بقائها وحيدة اكبر من الضرر الذي يحصل لو ان هذه المراة انضمت الى ركب المتزوجات من جديد .
اننا اليوم وامام مشاغلنا عن الارامل او العجزة او الوحيدين نجد انفسنا بمفاجأة عظيمة اذا اكتشفنا اننا لا نقوم بواجبنا تجاه هذه الشريحة من المجتمع ,واجبنا ان نأخذ بايدي هؤلاء الناس نبعدهم عن شبح الانعزال والوحدة والشعور بعدم الاهمية وحياة القفر هنا الاستثمار ليس بالضرورة استثمار مادي ولكن هو استثمار بالمشاعر . ان الأم الوحيدة لا يمكن ان يكفيها سؤال من باب كيف حالك بشكل خاطف وبعدها تأتي الاعذار عن المشاغل والهروب سريعا والنظر خلفك كي تلحق بك هذه الوحيدة وتجرك الى الداخل عندها لتذوق طعم الانعزال والوحدة .
الحيطان كما يقول المثل لها اذان وانما الجلوس بين الحيطان هو سجن عظيم سجن للكبرياء الانسانية سجن لمشاعر المحبة والحنان لا تتركوا ذويكم في البيت لا تعتذروا بضيق السيارة على الاولاد ولا تأخذوا امكم لطلعة او رحلة اجعل الاولاد وبالدور يتنازلون لعمتهم العانس ولجدتهم الارملة ..... الخ "ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة" كيف نعلم الابناء الايثار هذه قيمة عظيمة تحطمت وتهمشت امام طمع المادية وجبروتها.
انا ادعو الجميع لكتابة لافتة في الصخر منحوت عليها "الرجاء لا تتركوني وحيدا" لان الوحدة والانعزال قادمين علينا لا محالة فاستعدو لها .
والله هو الموفق .

مقالات متعلقة