الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 21:02

لجنة المتابعة العليا: من المأسسة إلى الفكفكة -رجا زعاترة

بقلم :رجا زعاترة
نُشر: 20/08/10 21:10,  حُتلن: 20:54

المحك المقبل قريب جدًا، في الذكرى العاشرة لأكتوبر 2000 الأسود ويوم القدس والأقصى

هل يُعقل أن تتحوّل صلاة الجمعة (أو الأحد أو حتى الثلاثاء!) إلى فعل سياسي احتجاجي، وأن يكون أحد "مطالب" المتابعة، في بيان رسميّ، موجّهًا إلى "الله" كي "يغفر ذنوبنا ويتقبل طاعاتنا"؟ أهذا هو دور المتابعة السياسي؟

// القيمة الأساسية للجنة المتابعة هي أنها الإطار الذي يجسّد وحدة نضال الجماهير العربية الباقية في وطنها، وهذه من نوعية الأشياء التي لا تحتمل العبث أو الارتجال...
قرار رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالتغيّب الاحتجاجي عن مائدة الإفطار التي دعا إليها رئيس الدولة كان صحيحًا، لكنه بات أكثر صحة فجر الثلاثاء، حين اصطبح أهل العراقيب على جريمة هدم رابعة خلال ثلاثة أسابيع.
الخطوة صحيحة، وكان يمكن أن تكون أكثر صحة ودقة وتأثيرًا إذا ما اقترنت بموقف سياسي متكامل، موجه للمؤسسة الحاكمة، من خلال رئيس الدولة، وتحميل الرأي العام الإسرائيلي مسؤولية مجمل التصعيد السلطوي، وليس فقط كهبّة موضعية على حدث موضعي يظل في النهاية جزءًا من كل. ولكن الأساس أنّ هذا القرار، ككثير من مواقف وتصريحات المتابعة مؤخرًا، ارتجالي، ويكاد يكون فرديًا.
عمومًا، في السياسة، ليست القيمة المضافة للقرار الجماعي في صحته بالضرورة وإنما في عملية اتخاذه، وبالتالي – خاصة في مظلة واسعة كالمتابعة – في المسؤولية الجماعية عن تنفيذه وتحويله إلى جزء من عملية تراكمية ارتقائية على مستوى الموقف وعلى مستوى الأداء.
سلمت الجرّة هذه المرّة، لكن حين يصبح الارتجال نهجًا في لجنة المتابعة العليا، يضحي الأمر مقلقًا نوعًا ما. هذا ما حدث في الوفد إلى ليبيا الذي لم تناقشه (وبالطبع لم تلخصه) أي هيئة رسمية للجماهير العربية. وهذا ما حدث في الوفد على الأسطول التركي الذي أبحر فئويًا ورسا تمثيليًا. وهذه المرة، هل يُعقل أن يسمع زملاء السيد محمد زيدان (أبو فيصل) عن قرار كهذا عبر وسائل الإعلام لا غير؟
لجنة المتابعة على أرض القرية
وإذا كان سبب "المقاطعة" هو جريمة الهدم في العراقيب (وهي جريمة تستحق أكثر من هذا)، فهل يُعقل أن يمرّ اعتقالان انتقاميان لعضو سكرتارية لجنة المتابعة على أرض القرية المنكوبة مرّ الكرام، ودون أدنى حدود التضامن، ولو البروتوكولية، في حين يقوم بريد المتابعة الإلكتروني ولا يقعد إيذانًا بمواعيد موكب هنا وطلب استئناف هناك؟ هل يُعقل أن تتأرجح لغة الخطاب السياسي بين "الداخل الفلسطيني" و"الوسط العربي"؟ هل يُعقل أن تتحوّل صلاة الجمعة (أو الأحد أو حتى الثلاثاء!) إلى فعل سياسي احتجاجي، وأن يكون أحد "مطالب" المتابعة، في بيان رسميّ، موجّهًا إلى "الله" كي "يغفر ذنوبنا ويتقبل طاعاتنا"؟ أهذا هو دور المتابعة السياسي؟
قد يدّعي البعض أنّ مثل هذه الأخطاء التي تبدو "تنظيمية" أو "مكتبية" ناجمة عن فصل رئاستي اللجنة القطرية ولجنة المتابعة (ومكتبيهما مؤخرًا) في هذه الدورة. ولكن المشكلة تتمفصل اليوم، إن جاز التعبير، في الفصل بين لجنة المتابعة ورئيسها، بما يشبه استحداث مؤسسة سياسية جديدة مستقلة للجماهير العربية، هي "رئيس لجنة المتابعة"، دون "لجنة" ودون "متابعة". وإذا كان لنا أن نضحك، فشرّ البلية هو أنّ تلك التنظيرات الشعبوية والنخبوية لـ "مأسسة المتابعة" تفضي، في امتحان الممارسة، إلى "فكفكة المتابعة".
إنّ القيمة السياسية (والوجودية إن شئتم) الأساسية للجنة المتابعة، هي أنها الإطار أو المظلة أو السقف الذي يجسّد وحدة نضال الجماهير العربية الباقية في وطنها، وهذه من نوعية الأشياء التي لا تحتمل العبث أو الارتجال، بالتأكيد ليس في أوضاع خطيرة وغير مسبوقة كهذه.
المحك المقبل قريب جدًا، في الذكرى العاشرة لأكتوبر 2000 الأسود ويوم القدس والأقصى.

مقالات متعلقة