الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 22 / مايو 19:01

دراسة للأستاذ عبدالرازق متاني: الكشف عن مسجد أموي تاريخي بطبريا

كل العرب
نُشر: 23/09/12 22:31,  حُتلن: 22:48

الاستاذ عبد الرازق متاني- الباحث في "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" والمتخصص في الآثار كشف عن وجود مسجد تاريخي في مدينة طبريا يعود الى الفترة الأموية

الباحث متاني:

لا يعقل أن مدينة بهذه المكانة والقدر كانت عاصمة الجند لم يبن فيها مسجد يليق بمكانتها وقدرها بل إن المؤرخين المسلمين أشاروا إلى أن هذه المدينة حوت العديد من المساجد بالإضافة إلى مسجد جامع مركزي برز للزائرين في المدينة

العديد من الآثار الإسلامية في طبريا تعرضت إلى انتهاكات، من ضمنها مساجد المدينة المتبقية والمقامات، كما نبشت المقابر الإسلامية في المدينة وانتهكت مرارا

كشفت عمليات التنقيب الأخيرة في طبريا (2009-2012) التي تشرف عليها "كاتية سلبرمان" أن المكان الذي عرّفه علماء الآثار الإسرائيليون على أنه آثار طبريا من الحقبة الرومانية ليس إلا آثارا من الفترة الأموية

كشف الاستاذ عبد الرازق متاني- الباحث في "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" والمتخصص في الآثار، عن وجود مسجد تاريخي في مدينة طبريا يعود الى الفترة الأموية، وذلك عبر دراسة علمية لآثار والموجودات الاثرية التي عثر عليها في المدينة، ودحض الاستاذ متاني ان تكون في الموقع آثار لتاريخ عبري، مشيرا ان المؤسسة الاسرائيلية تحاول طمس المعالم والآثار الاسلامية في البلاد أو نسبها الى فترات تارخية عبرية او غير اسلامية ، ومنها ما عثر عليه عبر حفريات أثرية في الأوقات الاخيرة.

وفي الايام الاخيرة قام وفد من "مؤسسة الاقصى"، في مقدمته الحاج سامي رزق الله ابو مخ- نائب رئيس"مؤسسة الاقصى"- وبمشاركة الاستاذ الباحث عبد الرزاق متاني بزيارة المسجد والاطلاع عن قرب على التفاصيل وآثار المسجد المتبقية. 

المدينة: مقدمة تاريخية
ويتحدث الاستاذ عبد الرازق متاني عبر الدراسة عن تاريخ طبريا فيقول بأن طبريا بنيت في الفترة الرومانية على يد "هيرودوس انتيبس" عام 20 م. ويعتقد أنها بنيت مكان (رقة) الكنعانية، وقد كانت من أهم مدن الجليل، كونها واقعة على ساحل البحيرة المعروفة باسمها؛ "بحيرة طبريا". فتحت طبريا على يد شرحبيل بن حسنة عام 13هـ634م. وقد حولت بعد الفتح إلى عاصمة جند الأردن (منتصف المئة 7-11) لتحل مكان بيسان، التي كانت عاصمة شمال فلسطين في الفترة البيزنطية، وقد شهدت من العمارة والبناء ما لم تشهده كثير من المدن، لتصبح مضرب الأمثال بجنانها وجمالها. وقد صكت فيها العملة الإسلامية منذ فجر الإسلام وأقيمت فيها قصور للخلفاء الأمويين: "خربة المنية" و"بيت الراس". وقد اتصلت طبريا بطريق رئيسة مع دمشق وشقت في فترة عبد الملك بن مروان 73هـ692م . كما عُرفت طبريا كمركز ثقافي ديني، وانتسب إليها العديد من العلماء الأجلاء، وقد أهدى إليها الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه نسخة من المصحف العثماني المعتمد بعد جمع القرآن . وقد وصفها صاحب كتاب "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" قائلا :" طبرية: قصبة الأردن وبلد وادي كنعان، موضوعة بين الجبل والبحيرة، فهي ضيقة كربة في الصيف مؤذية، طولها نحو من فرسخ بلا عرض، وسوقها من الدرب إلى الدرب، والمقابر على الجبل، بها ثمانية حمامات بلا وقيد، وحياض عدة حارة الماء، والجامع في السوق كبير حسن قد فرش أرضه بالحصى على أساطين حجارة موصولة" .

مسجد طبريا المفقود:
اما عن مسجد طبريا فيقول الباحث متاني، لا يعقل أن مدينة بهذه المكانة والقدر، كانت عاصمة الجند، لم يبن فيها مسجد يليق بمكانتها وقدرها، بل إن المؤرخين المسلمين أشاروا إلى أن هذه المدينة حوت العديد من المساجد بالإضافة إلى مسجد جامع مركزي برز للزائرين في المدينة، إلا أن واقع الحال والسياسات الساعية لطمس كل معلم عربي وإسلامي لم تُعن حتى في دراسة الحقبة الإسلامية المغيبة من تاريخ المدينة، حيث سعى المتحكمون في صياغة التاريخ والتنقيب عن الآثار إلى البحث عن الآثار "اليهودية" في طبريا وفق ما يزعمون، ولتنسب غالبية نتائج عمليات التنقيب إلى الفترة الرومانية وتعرّف على أنها آثار يهودية أو تمتُّ لليهود بصلة ولتُغيّب الآثار الإسلامية إلا قليل مما لم يستطيعوا طمسه.
يذكر أن العديد من الآثار الإسلامية في طبريا تعرضت إلى انتهاكات، من ضمنها مساجد المدينة المتبقية والمقامات، كما نبشت المقابر الإسلامية في المدينة وانتهكت مرارا. عمل العديد من منقبي الآثار الإسرائيليين في التنقيب في مكان المسجد إلا أنهم نسبوا الموقع إلى غير أهله وعرفوه على أنه سوق المدينة من الفترة الرومانية، ونذكر منهم : "بتسلأل رباني" – نقّب في سنوات الستين، و"آدم دروس" –في سنوات الستين أيضا، و"يزهار هيرشفلد" نقّب في المكان منذ 1998-2007. أجريت في طبريا العديد من عمليات التنقيب، كانت بدايتها في سنوات الثلاثين، وقد أجريت أول الحفريات في منطقة المسجد على يد "بتسلأل رباني" في عام 1959 وأشار إلى وجود بناية عظيمة بالقرب من الشارع الرئيس في المدينة، لكنه عرّفها على أنها سوق المدينة من الفترة البيزنطية .

مسجد وليس سوقا أو حماما:
ويضيف الاستاذ عبد الرازق متاني:كشفت عمليات التنقيب الأخيرة في طبريا (2009-2012) التي تشرف عليها "كاتية سلبرمان" أن المكان الذي عرّفه علماء الآثار الإسرائيليون على أنه آثار طبريا من الحقبة الرومانية ليس إلا آثارا من الفترة الأموية، وأن المكان الذي عرف على أنه سوق المدينة ليس إلا مسجدها الأموي وذلك بعد الكشف عن محراب المسجد ليتأكد أن البناء هو لمسجد طبريا الرئيس من الفترة الأموية وليس للسوق الروماني المسقوف. يشمل المسجد عدة مراحل من البناء، وكما يبدو فإنه أقيم على آثار مسجد أقدم منه يعود إلى فجر الإسلام، حيث وجدت آثار انعكاسات أعمدة بين الأعمدة التي تعود إلى الفترة الأموية، والتي قد تتبع لمسجد أقدم بني من الخشب أو جذوع النخيل. يقع المسجد الأموي جنوبي طبريا القديمة أسفل جبل عرف باسم "قصر بنت الملك"، وقد شيد البناء ليكون ظاهرا للعيان ورمزا من رموز المدينة. وقد حوى قسما مسقوفا في الجهة الجنوبية ومتوضأ من الجهة الشمالية، بالإضافة إلى برك لتخزين المياه التي عرفها المزوّرون على أنها "حمامات رومانية".
يمتد عرض المسجد إلى 78م (الحائط الممتد شرق - غرب)، أما طول القسم المسقوف فيصل إلى 26م (شمال - جنوب) وهو مكون من ثلاث قناطر.
ويقع في الجهة الجنوبية محراب المسجد، الذي حفر على يد "هيرشفلد" (2004) ولم يعرف على أنه محراب، إلا أنه في الحقيقة محراب المسجد،حيث بني بشكل نصف دائري بطول 2.9م في الحائط الجنوبي للبناء ويشير إلى القبلة، كما عثر في الناحية الشمالية للمسجد على خزان ماء بمساحة 17 x 7.5 م.

قطع المصابيح العديدة
ومما يؤكد أن البناء هو للمسجد الأموي تشابه البناء مع مساجد أموية من هذه الفترة؛ كالمسجد الأبيض في الرملة والمسجد الأموي في دمشق، حيث التشابه كبير في طريقة ونمط البناء، وشكل البناء وتخطيط المسجد، بالإضافة إلى وجود العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى الحقبة الإسلامية المبكرة، والتي عثر عليها أثناء عمليات التنقيب، نخص منها قطع المصابيح العديدة.  من المهم أن نشير إلى أن مساحة المسجد لم تكشف بالكامل، إلا أن ما كشف يؤكد أن البناء هو لمسجد طبريا الرئيس من الفترة الإسلامية المبكرة، كما يجب أن نشير إلى أنه في الجهة الغربية للمسجد وجدت حمامات نسبت أيضا إلى الفترة البيزنطية، التي بحسب اعتقادي يمكن أن تؤرخ أيضا للفترة الإسلامية المبكرة، بخاصة أنه عرف تاريخيا وجود الحمامات للوضوء والطهارة بجانب المساجد الرئيسة. كما نشير إلى أنه عثر على بناء ضخم يقع شرقي المسجد لم يعرف استعماله، إلا أنني أرجح أنه قد يكون دار الإمارة وفق ما عهدنا من أنماط المدن الإسلامية التي بنيت في الفترة الأموية كما هو الحال في المسجد الأبيض في الرملة، والمسجد الأقصى ومن حوله دور الأمارة،وكذلك الأمر في دمشق.

خلاصة الأمر:
ما زالت نكبة مقدساتنا مستمرة وما زالت المقدسات تبكي حالها وما يجري لها من جرف وطمس وتدمير، وها هي طبريا بمقدساتها تئن وتستصرخ المسلمين أن يعيدوا لها عزها. وقد كانت أمس عاصمة للشمال والجليل ومأوى للعلماء وأهل الدين، بل ورمزا للحضارة والثقافة الإسلامية، وها نحن نراها اليوم تُعرّى من تاريخها الإسلامي، وتُنتهك مساجدها ومقابرها ليل نهار ولا مغيث.

قائمة الصور للبحث
الصورة الوصف المصدر

1 فلس أموي سك في طبريا Berman A` 1976.
2 التقاسيم الإدارية للشام في الفترة الإسلامية المبكرة مؤنس، حسين1407هـ1987م.
3 مخطط المسجد؛ وقد عرضه "هيرشفلد" على أنه سوق הירשפלד י، וערן מאיר 2006
4 مخطط المسجد الأموي في طبريا Silverman 2009
5 صورة لمحراب المسجد Silverman 2009، الملخص
6 مقارنة مخطط المسجد الأموي في طبريا مع المسجد الأبيض في الرملة. Silverman 2009
7 صورة لموقع الحفريات وآثار المسجد الأموي – طبريا Silverman 2009، الملخص

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.67
USD
3.98
EUR
4.67
GBP
255890.41
BTC
0.51
CNY