الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 13:02

المواطن العربي في خطر بقلم محمد وتد


نُشر: 16/07/08 16:50

استفحال العنف والجريمة في مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل ليس وليد الصدفة، على الرغم من تواجد مراكز للشرطة، او فروع الشرطة الجماهيرية في كل مدينة وقرية، الا انه تسجل سنويا  الاف  حوادث العنف في مختلف المجالات، لكن لعل ابرز ملامح العنف هو استفحال الجريمة وسفك الدماء وازهاق الارواح، بحيث انه تم خلال العشر سنوات الماضية تسجيل مئات جرائم القتل في مجتمعنا، اغلبها لم تفك رموزها  ولم يكشف النقاب عن هوية من يقف وراءها، على الرغم من ان الشرطة تقيم طواقم تحقيق خاصة، فيما تبرر الشرطة بأن الاغلبية الساحقة من حوادث القتل تقع على خلفية جنائية وصراعات بين عصابات الاجرام المنظم، وبعض هذه الحوادث تقع على خلفية نزاعات عائلية، هذا الواقع المرير حولنا كمجتمع الى رهائن وضحايا، في ظل تقاعس الشرطة في منع الجريمة المقبلة، او ايجاد الحلول الجذرية لتجارة المخدرات والسلاح غير المرخص، فحملات الشرطة بين الحين والآخر ونصب الحواجز والتواجد المكثف لقوات الامن ما بعد وقوع الجريمة، ليس بالكفيل لمكافحة الجريمة واجتثاثها، خصوصا وان ذلك بات يهدد امن وسلامة وامان كل مواطن عربي في الداخل. انتقادات للشرطة نوجهها الى ما لا نهاية، لكن لابد من وقفة مع الذات، جلد للذات وتهذيب للذات، فماذا فعلنا كمجتمع لكبح وتلجيم ظواهر ومظاهر العنف والجريمة؟.
 للاسف الشديد لا شيء، جمعينا نتحمل مسؤولية ما يحدث، التباكي على الاطلال، أصدار البيانات المنددة والاكتفاء باتهام الشرطة والمؤسسة، كل ذلك ليس بالكفيل لمنع الجريمة المقبلة، التي باتت مشهد اعتيادي وعادي في حياتنا، نتعامل مع ما يحدث بالارقام، مجرد ضحايا او ضحية جديدة أضافية تضاف الى سجل الاحصاء للجريمة بالطبع بلا عقاب. لسنا بحاجة أن ننتظر الشرطة لتهذيبنا، للاسف فسلوك العدوان والعنف والكراهية بين الناس بات محور التعامل مع أفراد المجتمع، ولكن هذا السلوك لا يشكل حلاً أو دواءً وعلاجاً للمرض الاجتماعي، وإنما زاد من تفاقم التخلف الذي صاحبه العنف الملازم للسلوك، فضلاً عن أن سلوك العنف والعدوان لم يكن سلاحاً لتغيير سلوك آخر، وإنما عمق الفرقة والكراهية والتصدع في القيم الاجتماعية، فتعددت دوائر العنف والكراهية وزاد البغض بين أفراد المجتمع الواحد...
فبقدر ما يوجد من تعاطف ومحبة بين الناس وتواد وتآلف، توجد بنفس المقدار دوافع العدوان وأساليب العنف والكراهية والرعب، حتى لنكاد نعترف بشكل أو بآخر بأن الناس والشعوب باتت حقول تجارب لسياسات لم تتحقق من فرضياتها بعد، وبما أنها قد فرغت من إخضاع الحيوان قديماً "الفأر، القرد، الكلب" للتجارب، فقد حان الوقت الآن لإخضاع مجتمعنا للتجارب وأعادة هيكلته من جديد.  أن انتشار السلوك العدواني والعنف بين أفراد مجتمعنا هو كانتشار العدوى في حالة وجود مرض سريع التفشي، فالعدوى هي تعلم سلوكي بين الأفراد في المجتمع الواحد، وخاصة أولئك الذين لديهم تهيؤ لهذا الوضع، أو الذين أنهكتهم الحياة بمتاعبها واستنزفتهم الأيام سياسيا، أجتماعيا وأقتصاديا. العنف من الناحية النفسية، هو السلوك المشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه ، وهو عادة سلوك بعيد عن التحضر والتمدن، تستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثمارا صريحا بدنيا كالضرب والقتل والتكسير والتدمير للممتلكات واستخدام القوة لإكراه الخصم وقهره. بتنا نعيش حالة من التشرذم، نتجه نحو المجهول، قرانا ومدننا العربية تحولت دفيئة للعنف والاجرام، وذلك في ظل الصمت الرهيب لقياداتنا واحزابنا ومؤسساتنا والعجز شبه التام للعائلة والمدرسة في التربية وتراجع هيبة، مكانة وتأثير الكبار والوجهاء، نعيش حالة من العقم التربوي، الاخلاقي وألاجتماعي. بدون أدنى شك فان الاقصى ومقدساتنا في خطر ويجب الرباط والدفاع عنها، لكن اذا ما انهار ودمر المجتمع العربي لن تجد من يدافع عنها او يحيمها.
الإعلام الموجه بكل وسائله المتاحة من إذاعة وتلفزيون وسينما وصحافة...الخ، يقلب الحقائق ويؤثر في الناس سلباً أو إيجاباً، ويغير اتجاههم نحو قضايا معينة، ويظهر أنواعاً مختلفة من الآراء حتى ليصور الحقائق بأنها خرافات أو العكس تماماً، هناك مسؤولية تقع على اعلامنا المحلي نحن نتأثر ايضا من الاعلام العالمي ومن فضاء العالم العربي، لكن على اعلامنا المحلي الخروج من دائرة سرد الاحداث، والارتقاء لمكانة ووضعية التأثير وأحداث التغيير.  كونه قبول سلوك العنف استناداً لتلك الطروحات، تستطيع أن تتوغل في عمق المجتمع، لتتحول بمرور الزمن إلى قيم اجتماعية مقبولة، فيكون انعكاس العنف والسلوك العدواني المهيأ له، سلوكاً اجتماعياً مقبولاً، ويستدمج لدى أفراد المجتمع باعتباره مظهراً طبيعياً. بالرغم من حجم المأساة والمعاناة التي تخلفها مواجهة حقائقها وتأثيراتها على ارض الواقع يجب علينا التعاضد والتضامن والتعاون والتكافل لكي ننجح في كسر حلقة العنف المريعة ونمنع تشويه وأنهيار مجتمعنا.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
4.04
EUR
4.69
GBP
248243.61
BTC
0.51
CNY