* 72 ألف طالب يدرسون في مدارس النقب العربية، أكثر من نصفهم يعانون من شدة الحرارة

* الوضع في القرى غير المعترف بها مأساوي، والمدارس تضطر لتقصير اليوم الدراسي من أجل التخفيف على الطلاب – وخسارة آلاف ساعات التعليم

 * التكييف في رهط وحوره وعرعرة النقب كامل تقريبًا، وفي بقية البلدات جزئي

* المئات من طلاب رياض الأطفال بدون تكييف والشمس لا ترحم أحدًا

يعيش النقب في هذه الأيام موجة حر تصل أحيانًا إلى أكثر من 40 درجة مئوية في الظل. وقد وصلتنا العديد من الشكاوى من المدارس التي تنقصها أجهزة التكييف، والبعض منها يضع مراوح من المفروض أن ترطب الجو، إلا أنها لا تنفع في مثل هذه الأيام. وفي هذا التحقيق لن نتناول المشاكل الأخرى التي تعاني منها هذه المدارس، من بنى تحتية ونقص في مياه الشرب - أو وجود مياه شرب جاهزة لإعداد القهوة والشاي من شدة حرارتها، خاصة في تلك القرى التي لا تعترف بها الحكومة.
وأكثر المدارس عناء هي المدارس العربية في القرى غير المعترف بها، التي تستعمل المولدات الكهربائية في الإضاءة وفي تشغيل تلك المراوح (التي توزع درجة الحرارة بالتساوي في الغرف الصفية). وقد وصلتنا بعض الشكاوى من عدة مدارس قال فيها معلمون إنّ مدراء تلك المدارس اهتموا بأنفسهم حيث وضعوا مكيفات هوائية في غرفهم، في الوقت الذي يكتوي فيه الطلاب من جميع الأجيال بحرارة الطقس الشديدة. وقال أحد المعلمين بصورة تهكمية في حديث لمراسلنا: "المراوح تقوم بتوزيع الحر في الغرف الصفية بالتساوي على الطلاب، والغرف الصفية بالنسبة لنا هي ساونا. لا حاجة لتأجير فندق للدخول إلى ساونا ويكفي الدخول إلى تلك الغرف الصفية".

 40% من المجتمع
يبلغ عدد الطلاب في المدارس العربية في الجنوب نحو 72 ألف طالب، وهم يشكلون نسبة 40% من مجموع 172 ألف عربي يعيشون في النقب – وفق الإحصاء الأخير لوزارة الداخلية. ويتعلم في المدارس العربية في القرى غير المعترف بها وتلك التابعة لمجلس أبو بسمه الإقليمي نحو 15 ألف طالب (و-8000 طالب آخر يتم نقلهم إلى البلدات)، في 26 مدرسة ابتدائية و-3 مدارس ثانوية و-129 روضة وبستان. وعدا مدارس ترابين والهواشلة وأبو قرينات، المبنية بصورة حديثة وبالتالي تم ربطها بشبكة الكهرباء القطرية وإدخال المكيفات إليها، فإن بقية المدارس في القرى غير المعترف بها لا يوجد فيها مكيفات – عدا في غرف الحاسوب (بسبب الحرارة الناتجة عن الجهاز) أو في المكتبات. وقال حنان افوطا، مدير قسم التربية والتعليم في المجلس الإقليمي أبو بسمه، في حديث لمراسلنا، إنه سيتم خلال الفترة القريبة القادمة ربط 7 إلى 8 مدارس في القرى غير المعترف بها بشبكة الكهرباء، من بينها الأمل في خربة الوطن وتل عراد والهواشلة القديمة والفرعة.
وتوجهنا بسؤال لمدير قسم المعارف حول بقية المدارس فقال: "الحقيقة أن في كل غرفة صفية توجد 4 مراوح يتم من خليلها محاولة التخفيف على الطلاب". وحول سؤال تناول شكاوى حول بعض المدراء الذين قاموا في تلك المدارس بإدخال مكيفات إلى غرفهم، أجاب أفوطا: "من قام من المدراء بإدخال مكيف إلى غرفته فهو فعل ذلك على عاتقه الشخصي وبدون أن يتشاور معنا".

تدشين مدرسة في بلدة حورة قبل شهر. جميع الغرف الصفية في البلدة مكيّفة

بين تكييف كامل وجزئي
أم في البلدات العربية في النقب، فقضية التكييف تتراوح بين تكييف كامل كما هو الوضع في بلدتي حورة وعرعرة النقب، أو تكييف جزئي في بقية البلدات.
ففي مدينة رهط يدرس 19200 طالب في 15 مدرسة ابتدائية و-5 ثانويات ومدرستين إعداديتين ومدرسة للتعليم الخاص و-97 روضة وبستان. ويقول الناطق بلسان البلدية، مرزوق الكتناني، إن كل المدارس بإدارة ذاتية وتهتم بنفسها بالتكييف من خلال الميزانيات التي يتم رصدها لها. ويضيف: "لا يوجد تكييف فقط في 30 كرفان تستعمل كغرف صفية، ولم يتم تجهيزها بسبب عمليات بناء مدارس جديدة، حيث سيتم إلغاء استعمال الكرفانات ابتداء من العام الدراسي القادم".
وفي بلدة حورة يتعلم 5840 طالب في 5 مدارس ابتدائية و-3 ثانوية ومدرسة للتعليم الخاص و-45 روضة، جميعها مكيفة بما في ذلك مدرسة حورة أ القديمة – حسبما وافانا رئيس المجلس المحلي، د. محمد النباري، الذي أضاف، "لا شك أن الظروف البيئية للطالب مهمة جدًا ولكنها ليست العمود الفقري للعملية التربوية".
وفي عرعرة النقب أكد رئيس المجلس المحلي، نايف أبو عرار، أن جميع المدارس مكيّفة بما في ذلك رياض الأطفال. ويتعلم في البلدة 5400 طالب في 6 ابتدائيات وثانويتين ومدرسة خاصة ومدرستين تكنولوجيتين و-36 روضة أطفال. ويؤكد أبو عرار، أن "طلابنا وطالباتنا كنوا محرومين من كل الظروف البيئية المحيطة بالطالب، والتي هي مهمة حسب وجهة نظري، فقمنا بتغيير هذا الواقع حيث نرى في قضية التربية والتعليم المستقبل الوحيد لنا".
أما في بلدة كسيفة فيتعلم 4600 طالب في 5 ابتدائيات وثانويتين ومدرسة خاصة و-35 روضة وبستان. ويقول احمد العمور، مدير قسم التعليم في المجلس، أن التكييف في المدارس كامل عدا بعض الغرف الصفية مشيرًا إلى أن "نفس الظروف موجودة في البيت والمدرسة وبالتالي لا نعمل على تقصير اليوم الدراسي". رئيس المجلس سالم أبو ربيعة أكد أنه يتم الاهتمام بالتكييف في المناقصات للمدارس الجديدة قبل إنشائها.
وفي تل السبع يتعلم 6400 طالب أربع مدارس ابتدائية، في مدرستين منها هناك تكييف كامل، ومدرسة إعدادية بدون تكييف ومدرستين ثانويتين بدون تكييف و-50 روضة وبستان 8 منها فقط مكيفة. وقال مدير قسم المعراف في المجلس المحلي، خليل أبو رقيق، إنّه "يتم تقصير يوم التعليم في الأيام الحارة"، مشيرًا إلى ظاهرة مؤسفة وهي سرقة المكيفات من المدارس.
وفي شقيب السلام يدرس 5400 طالب في 4 مدارس ابتدائية ومدرستين ثانويتين و-20 روضة أطفال. ويشير رئيس المجلس سعيد الخرومي، إن التكييف جزئي في المدارس حيث 70% من الغرف الصفية مكيفة ومشكلتنا في الكرفانات حيث ستبنى مبان ثابتة بتكييف. ويضيف: "بشكل مرحلي سيقوم المجلس المحلي بتكييف كافة الغرف الصفية غير المكيفة حتى نهاية العام الدراسي".
أما في بلدة اللقية فيتعلم 4880 طالب في 4 ابتدائيات ومدرسة إعدادية ومدرسة ثانوية و-32 روضة أطفال. ويقول مسؤول ملف التعليم في المجلس د. طلب الأسد، إن 90 بالمائة من الغرف الصفية مكيفة، عدا نحو 7 كرفانات. وقال مسؤول في لجنة الآباء، إن هناك مكيفات هوائية في المدارس، ولكن الكثير منها لا يعمل، وهي "كقلتها".

 مسؤولية السلطات المحلية
د. محمد الهيب، مدير المعارف البدوية في وزارة المعارف، عقب بالقول: "المكيفات هي بمسؤولية السلطات المحلية حيث لا يوجد أي صلة مباشرة بين الوزارة وبين المكيفات. السلطة المحلية تقوم باتصالاتها ضمن الميزانيات واستطيع أن أؤكد لك أن النقب ضمن المناطق التي تستحق مكيفات. لا شك انه من الصعب ان تتم عملية التدريس كما يجب في أجواء شديدة الحرارة كما هو الحال في النقب، وبالتالي يتم تقصير اليوم الدراسي حسب نظام خاص وضعه المدير العام للوزارة، وبتنسيق من طبيب المنطقة والإدارة وذلك حسب درجات الحرارة في ذلك اليوم".