الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 15:02

خطاب نتنياهو وتصدير الأزمة/ بقلم: الأستاذ صالح لطفي

كل العرب
نُشر: 09/03/15 18:13,  حُتلن: 08:02

الأستاذ صالح لطفي:

نتنياهو اداة نجح اليمين الامريكي باستخدامها لضرب البيت الأبيض ومعلوم أنّ للمال اليهودي دور كبير في سيطرة الجمهوريين على الكونغرس

نتنياهو ابعد ولو هنيهة الاعلام الاسرائيلي المتفرغ له ولفضائح بيته قليلا عنه وأشغله والساحة السياسية بحدث أخذ أبعادا عالمية

نتنياهو سعى لتصدير مشاكل دولته العامة ومشاكله الخاصة عبر خطابه في الكونغرس الامريكي داخلا من الشباك الى الحضن الامريكي ليحقق مقعدا او مقعدين يمكنانه من العودة لقيادة اسرائيل مرة رابعة


ملخص تنفيذي.....

من لاحظ كيف خطب نتنياهو في الكونغرس فسيتوهم للوهلة الاولى أنه أمام رئيس أمريكي يخطب في شعبه وبين قواه السياسية في وقت كان الرئيس الفعلي للبيت الأبيض منزوٍ في أحد غرفه يجري مفاوضات مع دول اوروبية لبحث الملف الاوكراني، وفيما كان وزير خارجيته يفاوض نظيره الإيراني على مستقبل السلاح النووي الإيراني. وفي هذا اكثر من رسالة ارسلها البيت الأبيض لاكثر من جهة وعلى راسها الرئيس "المارق" بنيامين نتياهو الذي تقوى على البيت الأبيض بالمسيحيين الصهاينة والجمهوريين المسيطرين على الكونغرس والسينات ودخل في لعبة شد الحبل القائمة اصلا بين البيت الابض والكونغرس.

ولاقى خطاب تنتياهو يوم الثلاثاء 03.03.2015 في الكونغرس الامريكي ردود فعل متباينة على الساحاتين الاقليمية-الدولية والمحلية الاسرائيلية. فمن منتقد للخطاب جملة وتفصيلا الى مستهتر بمحايثاته المختلفة الى متحمس له ومعتبرا اياه خطابا تاريخيا"، بيد أنّ هذا الخطاب على الرغم من كل اشكالياته السياسية والاخلاقية-السياسية والذي يسبق انتخابات اسرائيل باسبوعين بالضبط كان حمال اوجه نجح خلالها نتنياهو أنّ يجمع عدة مصالح ما بين شخصية وقومية ... فقد ابعد ولو هنيهة الاعلام الاسرائيلي المتفرغ له ولفضائح بيته قليلا عنه وأشغله والساحة السياسية بحدث أخذ أبعادا عالمية .. وفي الوقت ذاته توجه لليهود في العالم برسالة مفادها أنّ اسرائيل هي الحامية والواجهة التي تحميكم وذكَّر العالم الحر ممثلا بواشنطن بالتزامها الاخلاقي بحماية اسرائيل امام كل جائحة قد تصيبها او تتعرض لها .. وأكد أمام ولي نعمته أنّ دولته" اسرائيل" ما زالت دولة وظيفية تمارس دورها في الشرق لاوسط ولا يجوز التخلي عنها لصالح مستجدات جيو-سياسية طارئة على المنطقة اذ الخطر الباقي والدائم يتمثل بالحركات الاسلامية المتشددة التي تسعى لاقامة دولة الخلافة.

سعى نتنياهو لتصدير مشاكل دولته العامة ومشاكله الخاصة عبر خطابه في الكونغرس الامريكي متجاوزا قادة البيت الأبيض داخلا من الشباك الى الحضن الامريكي ليحقق مقعدا او مقعدين يمكنانه من العودة لقيادة اسرائيل مرة رابعة، وهو يدرك أنّ حجم الخسائر التي قد يتكبدها من جراء هذا الخطاب لا تتجاوز الخسائر الموضعية التي لن تؤثر على الاستراتيجيات القائمة بين دولة عظمى كالولايات المتحدة ودولة صغرى كأسرائيل ... علاقات استراتيجية قائمة على منظومة قيمية ممزوجة من قيم دينية وتاريخية واخلاقية ومصالح سياسية وعسكرية وامنية وقيم مشتركة من مفاهيم تخص الديموقراطية ودور متفق عليه تقوم به هذه الدولة".

اسرائيل واللعب خلف الجدار
يجمع المراقبون السياسيون على حميمية العلاقة بين قيادات اسرائيلية من مختلف القوس السياسي وقيادات ومفكرين امريكيين من مختلف التوجهات والاحزاب ... وتتداخل العلاقة بين الجسمين الى حد يصعب الفصل بينهما الا في حالات خاصة جدا فمنذ ترومان والى هذه اللحظات حظيت اسرائيل بدعم لا محدود من واشنطن طال كافة جوانب الحياة، وانتقلت العلاقة بين الدولتين بفضل اللوبي الصهيوني الذي عزز مكانته داخل اروقة الحكم منذ سبعينيات القرن الماضي الى درجة الالتزام الاخلاقي تجلت وبوضوح بدعم امريكي مباشر لاسرائيل في حربها على غزة فيما سمي بالجرف الصامد اذ قامت الطائرات الامريكية بنقل الذخائر من تركيا وقطر والمانيا الى مخازن الجيش الاسرائيلي لينزل حممه على غزة، بعد أنّ تأكد للجيش الاسرائيلي خساراته الميدانية امام الكتائب المقاتلة في غزة فاعتمدت اسرائيل وبموافقة وحماية واشنطن سياسات الارض المحروقة فقتلت المدنيين وأحدثت خرابا هائلا بهدمها عشرات الآلاف من المنازل وقتلها المئات مع بارك اوباما ورده على خطاب نتنياهو تحدث بصراحة بالتزام امريكا بمنع إيران من أنّ تتسلح نوويا وإبقائها على ما وصلت أليه من تقدم نووي حتى هذه اللحظات..

ومع كل ذلك سعى نتنياهو للحفر تحت هذه الادارة الديموقراطية التي وضعت ملاحظات قاسية على نتنياهو شخصا وسياسة في ظل افشاله المتعمد لمحاولات واشنطن التوصل الى سلام مع الفلسطينيين يرضي اسرائيل اكثر بكثير مما يرضي الطرف الفلسطيني، وضرب بعرض الحائط اكثر من مرة مطالب الادارة الامريكية الراهنة معتمدا على شبكة العلاقات الشخصية التي يتمتع بها مع الامريكيين من جهة وعلى حجم النفوذ الهائل لاطراف يمينية في الايباك موجودة في مفاصل الادارة الامريكية تؤمن بالفكر الصهيوني اليميني وتعترض على سياسات واشنطن الحذرة في "عملية السلام" تجاه اسرائيل وتقارن دائما بين عصري بوش واوباما.. ووصل الامر بالاعلام الاسرائيلي أنّ هاجم اوباما اكثر من مرة مذكرا بلونه وأصوله الدينية وأنها تؤثر على قراراته وموقفه اتجاه اسرائيل، وهو الذي وصفه معهد كارنجي بانه اكثر الرؤساء الامريكيين في العقود الثلاث الأخيرة دعمًا ماديًا ومعرفيًا ولوجستيًا لإسرائيل ووصلت محطات التعاون درجات غير مسبوقة ... هذه الممارسات جعلت الادارة الامريكية تلوح وتلمح باكثر من موقف وموضع الى انها باتت تضيق ذرعا بنتنياهو، واوحت الى العديد من المعاهد الامريكية كمعهدي تصبان وواشنطن باستضافة قيادات اسرائيلية من مختلف التوجهات لبناء سياسات مستقبلية تتلائم والمرحلة القادمة في حالة عودة نتنياهو للحكم.

الممارسات الاسرائيلية داخل الملعب الامريكي ازعجت الامريكيين انفسهم وهبطت معدلات التأييد لاسرائيل من 76% الى 48% خلال شهر فبراير المنصرم، وأعرب العديد من السياسيين الامريكيين المخضرمين عن امتعاضهم من سياسات نتنياهو ودرجة الوقاحة " الديبلوماسية" التي يمارسها.

نتنياهو اداة نجح اليمين الامريكي باستخدامها لضرب البيت الأبيض ومعلوم أنّ للمال اليهودي دور كبير في سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، لكنَّ السياسة الامريكية في القضايا الاستراتيجة مرتبطة مباشرة بالرئيس وهو ما يمنحه وضع الفيتو على كل قرار يراه متناقض والمصالح العليا لدولته، ويرى العديد من المراقبين السياسيين الاسرائيليين حتى من المحسوبين على اليمين الاسرائيلي أنّ ممارسات نتنياهو أضرّت كثيرًا بالعلاقات مع واشنطن وأحدثت في الوعي الامريكي تراجعا بدأ يتجلى في المؤسسات الاكاديمية والثقافية بل ووصل الى هوليود معقل الصهيونية... ووجود نتنياهو في الكونغرس اثبت بالقطع أنّ زمن الاجماع الامريكي على مصالح تل ابيب قد انتهى ووصل حد الامتعاض بان عبرت رئيسة كتلة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، عن انزعاجها بهز رأسها ورفع عينيها للسماء والتعليق مرارا بصوت عال. وذهبت بيلوسي لحد وصف خطاب نتنياهو بأنه "مهين للذكاء الأميركي".

نتنياهو وسياسة شد الحبال

في خطاب نتياهو امام الكونغرس ركز على عمق العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وعلى حجم الدعم الذي قدمه اوباما لبلاده مشيرا الى أنّ التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة كان دائما فوق السياسة، وأنه يجب أنّ يبقى كذلك...، وقال: نقدر ما فعله الرئيس أوباما لمصلحة إسرائيل، وهو معروف على نطاق واسع، وخاصة في اللحظات الحاسمة، والتي كان آخرها دعمه لاعتراض صورايخ حماس في الصيف الماضي. كما لفت إلى أنّ بعضا مما قدمه أوباما لإسرائيل قد لا يعرف على الإطلاق، وخاصة في القضايا الحساسة والإستراتيجية".
خطب نتنياهو امام اعضاء الكونغرس بحزبيه الجمهوري والديموقراطي وتقدم بطروحات لوقف التسلح الإيراني اقل ما يقال فيها انها "تدخل سافر " بالشأن السياسي الاستراتيجي الامريكي وفقا لما وصفته الفايننشال تايمز اذ اعتبرت هذا التدخل "الخطاب" بالوقح في طروحاته. تناول نتنياهو الموضوع من جانبي تحسين ظروف الاتفاقية المزمع توقيعها مع إيران وذلك في اطار ثلاثة شروط :1-وقف دعمها للارهاب العالمي. 2-توقف إيران عن التهديد في ابادة اسرائيل. 3-وقف حربها على جيرانها في المنطقة – منطقة الشرق الاوسط- وضرورة الحفاظ على دولة اسرائيل " الدولة الوحيدة في العالم للشعب اليهودي" مذكرا الكونغرس بضرورة العمل للحفاظ على هذه " الدولة اليهودية" ومذكرا بالسبي الفارسي وانها أي إيران تهديد عالمي يتجاوز تل أبيب..

سعى نتنياهو للربط بين إيران الشيعية وتنظيم الدولة " السني، وهو ما استدعى القيادة الإيرانية في جلستها الاسبوعية –الاربعاء: 04.03.2015 للرد على نتنياهو دون التطرق لاسمه حيث اشار روحاني " اليوم هو عصر المعلومات..... أنّ شعوب العالم وكذلك الشعب الأميركي أكثر يقظة من أنّ يتحدث معهم بلغة النصيحة كيان ديدنه إثارة الحروب، كيان سعى وراء الأسلحة النووية على النقيض من القرارات الدولية وبعيدا عن أعين المراقبين الدوليين وعمل على إنتاج القنبلة النووية وتخزين عدد كبير منها، ومع عدم توقيعه معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ان بي تي لا يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفقد منشآته النووية ... أنّ الاتهامات ضد إيران من قبل كيان شن العدوان على مدى أعوام طويلة مرارا على الدول المجاورة، وارتكب المجازر ضد العزل، كيان يستهدف الأطفال في غزة بالرصاص، هذا الكيان الإرهابي الأكثر إجراما يتحدث اليوم عن السلام والأخطار المستقبلية في حين أنه يشكل الخطر الأكبر على المنطقة".

وتناول في خطابه جوهر النظام الإيراني ساعيا للربط بين نظام الملالي وتنظيم الدولة الاسلامية باعتبارهما جماعاتا ارهاب كل منهما يسعى لفرض نظريته السياسية على العالم من وجهة نظره .... وقد "وصف النظام الإيراني بأنه نظام راديكالي يدعو إلى قتل أميركيين بصوت واضح. وأن هذا النظام سيظل دائما عدوا لأميركا، مضيفا أنّ حرب إيران ضد تنظيم الدولة الإسلامية لا يجعل منها حليفة للولايات المتحدة، حيث أنّ إيران وتنظيم الدولة يتنافسان على فرض الإمبراطورية الإسلامية على المنطقة أولا، وعلى العالم باسره. وبالتالي لن يكون هناك مكان لإسرائيل ولا للمسيحيين.. أكبر خطر يواجه عالمنا هو تزاوج الإسلام الحركي والسلاح النووي".
وبحسب نتنياهو فإن قبول إيران بالاتفاق لأنه لا يمنعها من تطوير سلاح نووي، وإنما يضمن لها ذلك. وتابع أنّ أي اتفاق مع إيران سيشمل تنازلين مهمين: أولهما إبقاء إيران ببنية نووية كبيرة ويوفر لها الوقت، بما يسمح لها بالحصول على البلوتونيوم لإنتاج القنبلة النووية، كما أنّ أجهزة الطرد المركزية ستبقى لديها، والبرنامج النووي سيترك سليما، وإذا عملت إيران على تطوير أجهزة الطرد فإن الوقت اللازم لإنتاج قنبلة سيكون أقصر ...أما ثانيهما فهو أنّ التزام إيران بالاتفاق سيكون مشكوكا به، حيث أنّ إيران تخدع المفتشين، وقد تكون لها منشآت نووية سرية، كما سبق وأن أثبتت أنها ليست محل ثقة. وفي هذا السياق أشار نتنياهو إلى أنّ كورية الشمالية طردت المفتشين الدوليين، وعملت على إنتاج أسلحة نووية"3...." وخلص إلى أنّ إيران قد تحصل على سلاح نووي من خلال الاتفاق الذي ينتهي بعد عقد من الزمن، وهو رمشة عين في حياة الشعوب. وأنه عندما تتطور الإمكانيات النووية لدى إيران سيكون لها مطلق الحرية لإنتاج قنبال نووية، فهي تخطط لامتلاك 190 ألف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، وبهذه القدرة يمكنها إنجاز الوقود النووي خلال أسابيع، وبالنتيجة فإن أكبر راعي للإرهاب العالمي يمكنه الحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج أسلحة بشكل شرعي" ونتنياهو تحدث متجاوزا انه دولة عسكرية نووية وتملك قنابل هيدروجينية تعمد البيت الأبيض بتسريب هذه المعلومات ليفرغ خطاب نتنياهو من مدلولاته ومن محتواه من جهة ورسالة الى الكونغرس والسينات الذي يسيطر عليهما الجمهوريون.

لقد تناولت قيادات امريكية من الادارة الامريكية ومن خارجها خطاب نتنياهو وبالذات ما يتعلق بطروحاته بشأن الاتفاق مع إيران واعتبرته شخصيات رفيعة المستوى في الادارة الامريكية خطاب غير واقعي وأن مطالبه غير واقعية " لقد رسم نتنياهو في خطابه اتفاقا لا يمكن تطبيقه... نحن متفقون معه حول دور إيران الارهابي وكل الامور السلبية المتعلقة بها ولكننا نركز على موضوع التسلح النووي والحيلولة دون توصلها الى أنّ تمتلك هذا السلاح"4، واصفا الاتفاق المتبلور مع إيران بأنه اتفاق سيء، وأنه يرى ضرورة استبداله باتفاق أفضل مع إبقاء العقوبات مفروضة على إيران يمكن منع إيران من حيازة أسلحة5..

خطاب نتنياهو وتصديرالأزمة
تباينت مواقف المحللين السياسيين الاسرائيليين من خطاب نتنياهو في الكونغرس تبعا للخلفية الفكرية والايديولوجية للمحللين ففي حين أضفت صحيفة اسرائيل اليوم والمواقع الالكترونية المحسوبة على اليمين هالة كبيرة على الخطاب واعتبروه خطابا تاريخيا في لحظة تاريخية ودعمت تحليلاتها ومواقفها بالدعم الكبير الذي تلقاه خطاب نتنياهو من مدير موقع فضائية العربية باللغة الانجليزية، واحتجوا بما قاله رئيس الكونغرس الامريكي الجمهوري جون بيير:"خطاب مهم كان لا بدَّ للشعب الامريكي أنّ يسمعه " واحتجوا بأن اعضاء الكونغرس صفقوا لنتنياهو 42 مرة ووقفوا على اقدامهم 25 مرة وذلك دليل على حجم التفاعل مع الخطاب ومدى تأثرهم .. في المقابل نجد أنّ من اعترض على مبدأ زيارته من حيث التوقيت شن حملة لا هوادة فيها على نتنياهو واعتبر خطابه مجرد تحسين فرصه بالفوز في الانتخابات القادمة " على اعتبار أنّ الموقف " الاسرائيلي " من التسلح النووي الإيراني موقف متجاوزا للحالة السياسية والحزبية ويعتبر اجماع قومي وما يقوم به نتنياهو هو مجرد تلاعب بمصالح قومية عليا من اجل اهداف سياسية رخيصة، ولذلك شن امنون ابراموفيتش هجوما غير مسبوق عليه متهما اياه بالتسبب في إحداث ضرر هائل للأمن "القومي الإسرائيلي" وقال: " أنّ نتنياهو مس بالذخر الأهم الذي تراهن عليه إسرائيل وهو العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة"...، مشيرا الى أنّ كل ما يعني نتنياهو هو تحسين فرصه بالفوز في الانتخابات التي ستجري بعد أسبوعين، واصفا نتنياهو بأنه "يمثل قصة فشل مدوية، فقد ادعى أنّ رسالته الأولى هي القضاء على برنامج النووي الإيراني، لكن هذا البرنامج تعاظم خلال فترة حكمه خمس مرات، مع العلم أنه أنفق حوالي 11 مليار شيكل (3.5 مليار دولار) على عمليات خاصة من أجل تحقيق هذه المهمة" ......ألون بنكاس، قنصل إسرائيل السابق في لوس أنجلوس حذر الثلاثاء: 03.03.2015 في لقاء مباشر مع القناة الاولى من مغبة الضرر الذي سيلحق باليهود في الولايات المتحدة في ظل عدم الرضا من تدخل نتنياهو في الشؤون الداخلية للحكم وموالته العلنية للجمهوريين على خلاف الاغلبية اليهودية الامريكية الموالية للحزب الديموقراطي الحاكم" 70% من اليهود الامريكيين يصوتون لصالح الحزب الديموقراطي" .وحذر بنكاس في مقابلة مع قناة التلفزة الأولى من أنّ نتنياهو نجح أيضًا في المس بالعلاقة بين الجالية اليهودية المهمة في الولايات المتحدة من خلال استفزازه للرئيس اوباما ولحزبه الديموقراطي....

خلاصات
كان الامريكيون ولا يزالون يرون بأنفسهم استثناء من المسار الطبيعي للامم واعتبروا انفسهم واضعو اللبنات الاولى للتاريخ الانساني المعاصر وانهم الطليعة المختارة لبشرية ما بعد الحروب الكونية فهم " الشعب المختار المميز- اسرائيل هذا الزمان" ولانهم كذلك فإنّ الحكام والساسة يحجون اليهم وليس العكس. وان يقوم رئيس دولة صغيرة بحجم اسرائيل في القاء خطاب في الكونغرس الامريكي رمز " الطلائعية والعلو والقوة والنفوذ" فهذا ما وضع الدوائر الامريكية في استنفار وردود افعال ستكون تجلياتها وصداها في المراحل القادمة من السياسة الامريكية خاصة في البيت الأبيض.

وقع نتنياهو بين مطرقة الكونغرس وسندان البيت الأبيض فدعاه الكونغرس المسيطر عليه من الجمهوريين لاحراج رئيسهم فيما يتعلق بالملف النووي ومساعيهم لشن حرب على إيران في وقت باتت سياسات اوباما واضحة في تقربها من إيران في ظل التعقيدات والتطورات التي يشهدها الشرق الاوسط .. كان نتنياهو اداة بيد الكونغرس لاحراج وضرب اوباما وكان اداة في يد البيت الأبيض لتمرير رسائل بغاية الوضوح الى الكونغرس والمجتمع الدولي، بيد أنّ نتنياهو المتضعضع سياسيا في بلاده وجدها فرصة سانحة للخروج من المأزق الذي وقع فيه .. فقد وقع في فخ المقاومة وخاض حربا خاسرة تتجلى فداحتها يوما بعد يوم، وادخل المجتمع الاسرائيلي في أزمات متتاليات معيشية وسكنية ومادية جعلت الاسرائيليين من مختلف التوجهات يبحثون عن بديل اسلم يقدم المعطى المعيشي على الامني بعد أنّ باتت إيران والارهاب الشماعة التي يعلق عليها كافة أخطائه السياسية والاستراتيجية ... ومع ذلك فقد كان خطابه في الكونغرس حبل نجاة له – ولو مؤقت- اذ عمد الى تحقيق عدة اهداف تداخل فيها الحزبي الضيق مع الاستراتيجي بغض النظر عن مدى استغلاله مكانته السياسية وشبكة العلاقات التي يتمتع بها في الولايات المتحدة، فعمل على تصدير أزمتة الى الخارج واستثمر خطابه محليا ليظهر بمظهر المحامي والمدافع الأوحد عن أمن ومستقبل اسرائيل، وفي ظل ثبات استطلاعات الرأي بشأن المقاعد التي من المتوقع أنّ يحصل عليها كان لا بد له من القيام بعمل غير مسبوق يمنحه فرصة اضافية، فكانت هذه الفرصة التي جاءته على طبق من ذهب، وهي مسألة ستأخذ حظها من التحليل والدراسة في مستقبل الايام اذ لأوّل مرة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية يتجاوز رئيس بلد " ما " نظيره ويتحدث امام مجلسيه وبغيابه وهي ظاهرة تحتاج الى مزيد من البحث في السياق الامريكي الغارق في العنصرية والشوفينية من جهه والبون الشاسع بين الرجل الحاكم في البيت الأبيض والحزب المسيطر في الكونغرس والسينات.

هذا كله الى جانب سيطرة المسيحيين الصهاينة " بايدن من الديموقراطي نائب الرئيس اوباما وديك تشيني نائب الرئيس السابق بوش الابن " على مفاصل الحياة الامريكية ..... هذا التصدير يأتي في ظل تناقص احتمالات أنّ يتوجه اليه رئيس الدولة ليشكل الحكومة. واستغل نتنياهو وفي الوقت ذاته ووجد نتنياهو فرصته بعد اذ ضغطت جماعات المسيحية المتصهينة والايباك في واشنطن لاستقباله في الكونغرس لمناكفة اوباما محليا ولرفع نسبة احتمالات عودته للحكم ثانيا وهو ما حقق له ما بين مقعد ومقعدين. لكنه لن يضمن له العودة مجددا لحكم اسرائيل

الكاتب هو مدير مركز الدراسات المعاصرة
المراجع:
1-كلايد برستوفتز" الدول المارقة – الفع الاحادي في السياسة الخارجية الامريكية" تعريب : فاضل جتكر، الحوار الثقافي 2003،ط1ص43-45..
2-يسرائيل هيوم، الاربعاء "4-3-0125". وعاز بيسسموط " الاربعاء 4-3-015" يسرائيل هيوم" [" الخطاب في الكونغرس واللحظة التاريخية"- هنيئوم بكنونكريس ريكع هيستوري"]
3- معهد اسرائيل لدراسات القدس" علاقات الولايات المتحدة –اسرائيل، علاقات خاصة ومميزة ... وماذا بعد" بروفيسوريعقوب بار-سيمان طوف، ص1-4.
https://alresalah.ps/ar/post/110730/4- لماذا-دعا-الجمهوريون نتنياهو لالقاء خطاب في الكونجرس
https://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=11534895-
- 6- هآرتس، الاربعاء 4-3- 015
7- القناة العبرية الثانية أمنون ابراموفيتش –القناة الثانية، الثلاثاء 3/3/..015

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة