الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 06:01

نكبة اليوم ..؟/ بقلم: د. هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 15/05/16 07:11,  حُتلن: 07:41

د. هاني العقاد في مقاله: 

اليوم هناك نكبة من نوع اخر، نكبة صنعها الفلسطينيين بأيديهم ولجهلهم لم يقتنعوا بعد ان هذه النكبة، تمكن اليهود من ارضنا وقضيتنا وتقضي على حقنا الكامل في السيادة على هذه الارض

انها نكبة الإنقسام الذي عزل أكثر من مليون ونصف فلسطينيي سياسيا وجغرافيا عن باقي الارض والديموغرافيا في وطن طالما سعت البرامج الصهيونية على تقسيمة وتفتيته

هذه النكبة صادرت الارادة الفلسطينية وشوهت مسيرة نضال هذا الشعب واعطت اليهود حلول مجانية للصراع على اساس التجزيئي وتحويل المدن والقري الفلسطينية الى كانتونات محاصرة

نكبة اليوم ايها الساسة الفلسطينيين يا اصحاب نظريات المقاومة والتحرير ويا أصحاب المشاريع الوطنية نكبة تشتيت جديدة ونكبة حصار دائم لأنفسنا اولا وللشعب المسحوق الذي اضناه المحتل

من أقسي الاحداث التي مرت على الشعب الفلسطيني في التاريخ هي النكبة التي افضت الى تهجير اكثر من مليون فلسطيني قسرا عن ارضهم وحقولهم وبيوتهم وقراهم ومدنهم وما اعقبها من قيام دولة الكيان الاسرائيلي كان الأقسى، هذه النكبة التي نحي ألامها اليوم يعتبرها الكثيرون النكبة الاكبر بالرغم من عشرات النكبات التي عاشها الشعب الفلسطيني، اليوم ونحن ونستذكر قرانا ومدننا التي سلبها الاحتلال وحولها لمواطن لمن لفظتهم عواصم العالم  الاسرائيليون والصهاينة واطلقوا عليها اسماء عبرية تناسب كيانهم الدخيل وتناسب انتماءاتهم العنصرية، في ارضنا سرقوا البرتقال والتين وغيروا وجهة الارض لعلها تقبل وجودهم، حرقوا حقول القمح والشعير وسحقوا كل مطاحن الزيت واعدموا الالاف اشجار الزيتون، ردموا السواقي وجرفوا البيادر ونكثوا الجبال وغيروا الحارات والقري و الكفور ..!، خافوا أن تبقي الارض بلونها فتنقلب عليهم يوما ما ..؟ لم يحترموا انسان ولا حيوان ولا طفل ولا امرأة ولا حتى الاجنة في بطون امهاتها، نفذوا المذابح تلو المذابح، قتلوا النساء بقروا بطونهم ذبحوا الرجال بالمئات واستباحوا حرمات الدين والدنيا، حرقوا المزارع والحقول وهدموا البيوت، فعلوا كل هذا والعالم لم يحاسب منهم احد بل صمت صمتة الشريك، لم يتبقى لنا الان سوي أن نحيي ذكري مرور اعوام على تلك الكارثة، تلك الجريمة التي كان العالم شريك فيها مع سبق الإصرار والترصد ولم يحاول اليوم وبعد ثمانية وستين عاما لتصحيح تلك الخطية والخطأ التاريخي الكبير. هنا باتت النكبة شيئا من الأمر الواقع واي حديث عنها كجريمة في هيئات المجتمع الدولي او حتى إعادة المطالبة الدولية بإنفاذ قرار 194 في حق العودة والتعويض تعتبره اسرائيل عملا معاديا للسامية.

اليوم هناك نكبة من نوع اخر، نكبة صنعها الفلسطينيين بأيديهم ولجهلهم لم يقتنعوا بعد ان هذه النكبة، تمكن اليهود من ارضنا وقضيتنا وتقضي على حقنا الكامل في السيادة على هذه الارض انها نكبة الإنقسام الذي عزل أكثر من مليون ونصف فلسطينيي سياسيا وجغرافيا عن باقي الارض والديموغرافيا في وطن طالما سعت البرامج الصهيونية على تقسيمة وتفتيته، هذه النكبة صادرت الارادة الفلسطينية وشوهت مسيرة نضال هذا الشعب واعطت اليهود حلول مجانية للصراع على اساس التجزيئي وتحويل المدن والقري الفلسطينية الى كانتونات محاصرة من بينها غزة كانتون معزول عن العالم كليا، يمضي هذا الإنقسام اليوم لتسع سنوات ولا بارقة أمل في أن ينتهي يوما من الايام حتى بعد عشر سنوات قادمة بسبب غياب البرنامج الوطني الواحد وغياب إرادة الفلسطينيين في التوحد ورص الصفوف وشحذ الهمم للدفاع عن ما تبقي من ارض تحاول اسرائيل سرقتها ومصادرتها، الإنقسام صادرة لأكثر من تسع سنوات حتى الان الإرادة الحقيقية للشعب في تجديد شرعية ممثليه وإنتهك حق الشعب في قدرته على توحيد الجبهة السياسية الفلسطينية التي تقوي أمام كل ممارسات اسرائيل الاحتلالية العنصرية المجرمة، وتحدد شكل ونوع المواجهة المطلوبة في كل وقت وحين بل وتستطيع أن تبني الإستراتيجية الوطنية الحقيقية التي تحمي القضية من تلك المؤامرات التي تتكاثر لتصفية كافة الحقوق الفلسطينية وأولها حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وحق اللاجئين في العودة الى ديارهم وقراهم وحق الفلسطينيين في مقدساتهم وحمايتها والوصول اليها لأداء صلواتهم فيها دون تهديد اسرائيلي.

نكبة اليوم ايها الساسة الفلسطينيين يا اصحاب نظريات المقاومة والتحرير ويا أصحاب المشاريع الوطنية نكبة تشتيت جديدة ونكبة حصار دائم لأنفسنا اولا وللشعب المسحوق الذي اضناه المحتل ولم يستطيع حتى الان أن يوفر لنفسه عوامل الصمود والبقاء على الارض في وجه الممارسات الاحتلالية العنصرية، نكبة اليوم أيها الساسة سيعرفها التاريخ بأنها شبيهة لنكبة الاحتلال الاسرائيلي التي مازالت مستمرة، نكبة في تركيبتها وعمقها صناعة فلسطينية غبية كانت تنتظرها اسرائيل منذ زمن لتجزئ الصراع وتكرس الحلول الاسرائيلية العنصرية كسبيل وحيد لإنهاء النزاع الطويل بل ووفر لإسرائيل الذرائع لكى تتعامل مع الصراع على أن حله يأتي فقط بتوقير التسهيلات الإقتصادية لنا كشعب للعيش بحدود أقل ما يمكن أن يعيشه الانسان  العادي في هذا العالم دون أي طموح سياسي في وطن مستقل وحر يمكن أبنائه من رسم مستقبل الاجيال القادمة، ألم تكن كل تلك التفسيرات والدلائل الواضحة كافية أمام هؤلاء الساسة ليكتشفوا الحقيقة ويعودوا عن إنقسامهم وينهوا نكبتهم الحقيقية ويعيدوا لوجوههم لونها الوطنيويحموها من الكلحة أمام عواصم العالم وشعوبها ويستروا عوراتهم أمام شعبهم الذي بات يعرف ما في رؤوسهم وما تخفيه ضمائرهم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة