الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 01:01

لماذا سقطنا نحن العرب في هذا المستنقع من التخلف والردة/ بقلم: عوض حمود

عوض حمود
نُشر: 25/02/18 17:05,  حُتلن: 10:08

عوض حمّود في مقاله:

لماذا سقطنا نحن العرب في هذا المستنقع السحيق من التخلف والانحطاط الفكري السلوكي، وتاريخنا ليس كذلك؟!

لم يعد مكان للصبر او تعزية الذات او الاختباء خلف اصابعنا مما وصلنا اليه! بحيث يصعب ايجاد كلمات الوصف و تبيّن الى ما آلت بنا سيئاتنا وتصرفاتنا المهووسة واللا عقلانية ويصحبها التهور

انني اعتقد جازما أنّ هذا المد السرطاني الذي دخل على مجتمعنا العربي يعود سببه الأول إلى المدرسة الأولى بمعنى التربية البيتية الأولى، التي يمر بها أبناءنا وبناتنا في مرحلة الطفولة

لماذا سقطنا نحن العرب في هذا المستنقع من التخلف والردة، وماضينا عبر التاريخ ليس كذلك؟! هل هو عقم جيناتي؟ او خلل في التربية والتهذيب في المدرسة الاولى البيتية؟ لماذا سقطنا نحن العرب في هذا المستنقع السحيق من التخلف والانحطاط الفكري السلوكي، وتاريخنا ليس كذلك؟!

لم يعد مكان للصبر او تعزية الذات او الاختباء خلف اصابعنا مما وصلنا اليه! بحيث يصعب ايجاد كلمات الوصف و تبيّن الى ما آلت بنا سيئاتنا وتصرفاتنا المهووسة واللا عقلانية ويصحبها التهور، بحيث لا تتماشى و لا تسير و لا تود ان تسير و روح عصر تطور الشعوب وصولا حتى لمستوى الشعوب التي تعيش في بلاد العالم الثالث وأقل ايضا. نعم نحن متخلفون في شتى مستويات الحياة السياسية و الثقافية و الاجتماعية بحيث يتوجب علينا الاعتراف بذلك على ظهر السطح و بدون تأتأة وأن لا نحاول الهروب من قول الحقيقة أو نحاول الاختباء أو التهرب بما نحن به من درجات السوء الذي وصلنا اليه في وسطنا العربي خاصة في العشر سنوات الأخيرة. لقد انتشرت رقعة العنف و الجريمة و سرقة البيوت و السيارات و القتل على شرف العائلة و كل اشكال الارهاب المتنوعة ولا أبالغ اذا ما قلت بأنه لا يمر يوما دون سمع خبر مفجع أو مؤلم مثل اطلاق الرصاص على الشاب فلان, و يوم اطلاق الرصاص على شابة وهي بداخل سيارتها. ويوم عثر على الشاب فلان من قرية كذا مقتولا داخل سيارته. وفي اليوم التالي اطلق الرصاص على بيت فلان وبقدرة قادر لم تقع اصابات. وباتت هذه الاخبار المقلقة المخيفة تطفي بظلالها على مجتمعنا العربي و كأن اصبح هذا خبرا روتينيا عاديا تستمع اليه أو تقرأه في صحافة آخر الأسبوع.

علما أن هذه الأخبار المقلقة والمحزنة اصبحت تمر علينا أسبوعيا بحيث اصبحت عالة على مجتمعنا وتقض مضاجع كافة المواطنين دون استثناء، وأنّ المواطن العادي الذي يتلقى مثل هذه الأخبار الأسبوعية جدر منها ولكنه لا حول ولا قوة له الا الولولة والأف الخارجة من اعماقه.

وما زاد الطين بلة وزاد من تشويه السمعة أكثر مما هي عليه عندما حاول أب أن يقتل ابنته طعنا بالسكين في مدينة جنين مؤخرا. على مرأى من عابري السبيل، ولحسن حظ البنت ورأفة لما يروه هؤلاء الناس هرعوا لانقاذ البنت من بين يدي ابيها، ونقلوها الى احد المشافي في جنين و كانت اصابتها بالغة الخطورة وفاقدة لكمية كبيرة من الدم و بعد ان استقر وضعها الصحي نقلت لاستكمال بقية العلاج في مشفى العفولة. قمة الجاهلية (وزادة قنطار) عما نحن به!

وسؤال يسأل كل ذي ضمير حي لماذا حاول هذا الأب أن يغتال ابنته؟! وبأي حق وبأي شريعة شرعت له ذلك أو هي شريعة الغاب؟ أو العمل بعقلية القرون الوسطى؟ و هل سدت كل ابواب الحلول بينه وبين ابنته وهي ما زالت في ريعان الشباب 19 عاما؟! أليس كان من الأجدر لهذا الاب والأفضل والأقل كلفة ان يستوعب ابنته بحنان الأبوة وصولا لحلول ترضي الطرفين؟، بدلا ان يحاول قتلها في الشارع العام على مرأى ومسمع من عابري السبيل؟ (قمة التخلف)! وقد ذكرت بعض الصحف العربية عن هذا الحادث المؤلم والذي وضعنا في قعر البئر وأساء للسمعة أن السبب كان خلافا داخليًا أسريًا، يا للعجب!

إنّ حدثًا كهذا فوق أن يتقبله أو يستوعبه عقل أو بشر. ان هذا السلوك مستنكر أشد الاستنكار وقد زاد أكثر وأكثر بروزًا بشكل لا يحتمل التأويل مدى حجم وكبر درجة العقم الفكري والاجتماعي الذي اصبحنا نحن غارقون به الى حد الأذنين.

إنّ مجتمعنا العربي مجحف بحق نفسه قبل ايقاع الاجحاف بالآخرين مجتمع ذكوري عنفي تسلطي وقمعي لا يعرف ولا يريد ان يعرف شيئا من حرية الفرد و حرية المجتمع وعلى رأس ذلك حرية المرأة أسوة بالرجل وهي نصف المجتمع. إنّ هذا الخطأ الفاحش من قبل الأب اتجاه ابنته يذكرنا وكأننا ما زلنا نعيش في عصور وأد البنات قبل آلاف السنين!! من قال ومن أجاز للأب أو الأخ أو القريب مصادرة أو قطف حياة شقيقته أو ابنته أو قريبته تحت أي حجة أو ذريعة كانت؟! للأسف الشديد أن يعاني مجتمعنا العربي مثل هذا الأسلوب الظالم و الأشد قسوة و عدوانية بحق أخواتنا و بناتنا وأمهاتنا الى هذه الدرجة من العنف والاضطهاد لقسمنا الآخر ، ا يمارس سوى عند فريق معين في مجتمعنا العربي. للأسف إنّ ظاهرة العنف و البلطجة المنتشرة في مجتمعنا العربي لم تعد تحتمل ولا تطاق.

انني اعتقد جازما أنّ هذا المد السرطاني الذي دخل على مجتمعنا العربي يعود سببه الأول إلى المدرسة الأولى بمعنى التربية البيتية الأولى، التي يمر بها أبناءنا وبناتنا في مرحلة الطفولة، وإنّ عدم الانتباه و عدم الحرص بشكل صارم لنشأة ابناءنا في مراحلها الأولى هو سبب كبير جدا لما نحن به. أنا بالطبع لا أنكر أدوات اللهو والمغريات المنتشرة بشكل كبير وواسع بالأسواق وهي بالطبع عامل مساعد لما نعانيه، اذا لم نحترس من ذلك.
 
دير حنا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة