الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 10:02

نقل السفارة والرهان الامريكي الاسرائيلي/ بقلم: د.هاني العقاد

د.هاني العقاد
نُشر: 13/05/18 07:16,  حُتلن: 11:05

د. هاني العقاد في مقاله:

لم يكن سطوا امريكا على القدس اليوم الا عندما ضمنت الولايات المتحدة ان العرب انتهي امرهم واصبح بالإمكان تجاوز كل الموانع السابقة وايقنت ان العرب يمكن ان يوافقوا لان تسطوا امريكا على القدس وتهديها لإسرائيل وبحضور عربي

اسرائيل وامريكا والعرب يراهنوا اليوم على قبول الفلسطينين الاجراء الامريكي وما مسالة الاحتجاجات الا بمسالة وقت وسوف تخفت وتنتهي وحدثيه كباقي حالات الغضب الفلسطيني الذي واكب الاجراءات الاسرائيلية على الارض

بعد حرب العام 1967 واحتلال اسرائيل لكل الضفة الغربية والقدس وغزة وسيناء والجولان وجنوب لينان بدأت اسرائيل ترسم خارطة كيانها الجديد ارتكبت ومازالت ترتكب على اثر ذلك كل المحرمات والجرائم بكل اشكالها بحق الانسان العربي الفلسطيني ، اليوم تعيدنا امريكا الى تلك الحرب وتشرعن جرائم اسرائيل عبر توفير الحماية السياسية المادية والمعنوية والقانونية ليس فقط بل تزود اسرائيل بكل الطاقات المطلوبة والسلاح المطلوب لتبقي الدولة القوية الوحيدة في المنطقة والقادرة على احداث حالة ردع باتجاه الكل العربي والاقليم المحيط .تغير الدور الوظيفي للولايات المتحدة الان فاصبح دورا يحافظ على ان تبقي اسرائيل داخل كل المؤسسات العربية بكل الكيانات العربية التي لم تربطها أي علاقة سابقة بإسرائيل، وبدأت بالتالي اسرائيل تتغلغل في الداخل العربي الرسمي حتى وصلت لان يقف رئيس وزرائها ويقول على الملء بان اسرائيل تربطها علاقات صداقة قوية مع الكثير من الدول العربي التي لم تعقد معها اتفاقيات سلام .

لم يكن سطوا امريكا على القدس اليوم الا عندما ضمنت الولايات المتحدة ان العرب انتهي امرهم واصبح بالإمكان تجاوز كل الموانع السابقة وايقنت ان العرب يمكن ان يوافقوا لان تسطوا امريكا على القدس وتهديها لإسرائيل وبحضور عربي للأسف وهذا ما حدث، الجريمة ان امريكا اليوم استطاعت تسيير الحياة السياسية في كثير من الدول العربية واصبحت السياسة العامة لكثير من البلدان العربية ترسمها وكالة المخابرات الامريكية و بالتالي اصبح كثير من الدول العربية تحتاج أمريكا ليس للمال ولا التكنولوجيا ولا للنهضة الصناعية او حتي تصنيع السلاح بل للحماية والدفاع عن بقاء هذا النظام او ذاك وهنا اقول ان امريكا نجحت في تغير الدور الوظيفي لها في الشرق الاوسط فبدلا من ان كانت تبيع صفقات سلاح بالمليارات اصبحت ترسوا بوارجها الحربية وغواصاتها النووية في الخليج العربي كحماية للعرب والثمن ليس المال فقط ولا البترول ولا الشرف العربي وانما القدس وجلوس اسرائيل البنت المدللة لأمريكا على الحضن العربي . 

اليوم تنقل امريكا سفارتها الى القدس دون احترام أي مشاعر اسلامية او عربية او احترام للقانون الدولي بل في خطوة فسرها الجميع بانها انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية فلا يحق لدولة ما ان تقرر عاصمة دولة اخري وخاصة اذا ما كانت تلك الدولة تحتل ارض الغير بالقوة المسلحة وبالتالي على دول الاسرة الدولية عدم نقل بعثاتها الدبلوماسية لأي مناطق او اراض تم احتلالها بالقوة العسكرية، ولعل هذه الخطوة الامريكية يمكن ان تكون بمثابة الحرب على المصالح الأمريكية والاسرائيلية في الشرق الاوسط لو اتت قبل عشرة اعوام من اليوم لكن امريكا متأكدة ان مصالحها لن تتضرر بالشرق الاوسط لكن لن تستمر للابد، لان رهان امريكا على الصمت العربي قد يكون رهان غير صحيح وغير ثابت لان الانظمة العربية احيانا لا تستطيع البقاء قوية اذا ما اهتز عرش السلطان فأمريكا تراهن على الانظمة ونحن نراهن على الشعوب لان الشعوب مهما استطاع الحاكم ارهابها وتخويفها وقمعها واغراقها في ملذات الحياة ستصحو يوما من الايام وصحوتها ثورة وثورتها يعني اسقاط الخيارات الأمريكية و نسفها بالكامل وانتهاء النفوذ الامريكي بالمجمل .

هذا جزء مهم من ما يسمي (صفقة القرن) التي يسعي ترامب للإعلان عن تفاصيلها مباشرة بعد ان ينقل سفارة امريكا الى القدس ويتأكد ان الخطوة الاولي لتجسيد اعلانه القدس عاصمة لإسرائيل بات حقيقة وبات مقبولا لدي الكثير من العرب وفي النهاية سيقبله الفلسطينيين وهنا علينا ان نفهم ان الإدارة الامريكية اليوم تسير باتجاه ايجاد حل سياسي اقتصادي امني للصراع بعيدا عن ثلاث قضايا كبري اساسية وهي القدس والحدود واللاجئين وبعيدا عن أي مرجعيات سياسية فمبادرة السلام العربية باتت مقلوبة بعد الهرولة العربية للتطبيع مع اسرائيل على اكثر من مستوي في العلن وبعد التصريحات المؤذية للمشاعر القومية بأحقية اسرائيل في العيش بالمنطقة على الارض العربية دون ان تحقق السلام المنشود، لكن لا اعتقد ان واشنطن يمكن ان تنفذ خطتها كاملة وتبقي سفارتها في القدس ويقبل الفلسطينيين تلك الصفقة في النهاية حتى لو قبل كل العرب ذلك .

اسرائيل وامريكا والعرب يراهنوا اليوم على قبول الفلسطينين الاجراء الامريكي وما مسالة الاحتجاجات الا بمسالة وقت وسوف تخفت وتنتهي وحدثيه كباقي حالات الغضب الفلسطيني الذي واكب الاجراءات الاسرائيلية على الارض، فلو عرفت اسرائيل ان انتفاضة فلسطينية موحدة ستكون بسبب نقل السفارة لما اقدمت الان على تنفيذ نقل السفارة للقدس، لذا فانا اتمني ان ينتفض الفلسطينيين على طريقة الثورة المبرمجة والمقاومة السلمية المدروسة والجامعة التي يقودها الشعب وليس الاحزاب السياسية لان الدور الحزبي يجب ان يكون حاميا لتلك الانتفاضة عبر تعزيز الاداء الجماهيري واستمراريته وذلك من خلال قيادة وطنية موحدة تقود المواجهة و المقاومة القادمة لتعمل في ذات الوقت على وقف اي محاولات من قبل اسرائيل لحرف هذه الانتفاضة عن مسارها لتخدم اسرائيل اكثر من تحقيق أي اهداف وطنية، انتفاضة وطنية شاملة على كافة القطاعات وبكافة الوسائل والادوات الموجعة للاحتلال ليدفع الاسرائيلي على ارضنا الثمن الباهظ وليست على طريقة هبات الغضب التي واكبت الكثير من الاحداث التي ما لبثت ان اصبحت مجرد تاريخ في الصراع واصبح الاجراء الاسرائيل امرا واقعا ضمن سياسة الامر الواقع، ما يقلق اسرائيل ويخيفها انتفاضة مبرمجة مخططة طويلة حسب استراتيجية وطنية شاملة تستنزف كل حالة هدوء اسرائيلي يمكن ان تعيش فيها اسرائيل وشعبها المحتل حياة طبيعية .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة