الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 07:01

شذرات من بلفور وحتى سيلفي أورن حزان واليمين/ بقلم: بكر عواودة

بكر عواودة
نُشر: 11/08/18 10:26,  حُتلن: 15:28

بكر عواودة في مقاله:

نحن ابناء هذا الوطن لا نملك ترف التغاضي عن حقيقة ان الدولة من خلال تشريع هذا القانون خرقت اتفاقية من طرف واحد مع مواطنيها

يجب تقوم الاحزاب السياسية العربية بالعودة الى القرى العربية وان تقوم بترتيب اوراقها من جديد ونفض الغبار في فروعها 

سأشارك في مظاهرة تل أبيب وادعو اصدقائي للمشاركة لأنها صوتنا لأجل الحياة الكريمة والحرة في وجه ظالم مستبد 

عندما ارسل اللورد بلفور رسالته في سنة 1917 الى اللورد روتشيلد، سكن في فلسطين ما يقارب 700 الف عربي فلسطيني و70 الف يهودي اغلبهم متدينين غير صهيونين. لم يكن لهذا الوعد ان ينجح اصلا بدون التفكير والتخطيط مع سبق الاصرار بطرد السكان العرب واخذ املاكهم وبيارتهم ومع هذا فإن الصهيونية نفذت دعاية نادت بالبناء وتجفيف المستنقعات وبالسلام وحب الشعوب ولكنها شيدت منذ البداية قرى وكيبوتسات يهودية مبنية على بياض العرق، وحاربت المزارع العربي والعامل العربي وحتى انها فصلت بين اليهود الشرقيون وبين اليهود الاوربيون، ومع هذا استطاعت بالخديعة في تسويق وجه الحمل وبنفس الوقت ان تسرق بيد الثعلب وطنا كاملا وتطرد اهله وان تظهر كضحية وداعية سلام امام العالم وامام ابنائها.

بعد 1948 لم يبقى من العرب الا 170 الف من الفلاحين الخائفين والمهزومين، اليوم اصبح العرب مليون وثلاثمئة الف، واعون وناجحون ، رافعين شعار المساواة الكاملة في الوطن، مواطنة نابعة من كوننا اهل الوطن واصحابه وليس من وثيقة او قانون. وفي وضعنا الخاص كمواطنين تهمنا المساواة الكاملة الفردية والجماعية في بيتنا ووطننا.

ديسكن 2007 - 2018
في سنة 2007 تسربت لوسائل الاعلام مقولة يوفال ديسكن رئيس الشاباك انذك ان المواطنين العرب هم خطرا استراتيجيا على الدولة في هذه الفترة تم نشر 4 وثائق رؤيويه كشفت عن تمسك العرب في ارضهم وروايتهم وإيمانهم بحق العودة وبالحياة العادلة والمساواة والسلام. ازعجت هذه الوثائق السدد العليا في اسرائيل.
ولكنه ديسكين سنة 2018 ربما نسى ما قاله قبل عقد من الزمن، يقف اليوم ضد قانون القومية ويقول "ان ما يُخيفني اليوم اكثر من الايرانيين والفلسطينيين وسوريا وحزب هو تفتتنا كشعب". وتوجهات إسرائيل اليمينة المتطرفة اصبحت بنظر البعض بنفس الخطورة وربما اكثر من المخاطر الخارجية. وهذه ليست مقولة سهلة وتحمل في طياتها مخاوف الكثير من الإسرائيليين بانهم يفقدون تفسيراتهم الاخلاقية والانسانية مما يهشم الرواية الصهيونية ويضعها في تناقضات ومعضلات خطيرة .

خلال العقدين الاخيرين شعر كل مواطن عربي بثقل التوجهات العنصرية والاعتداءات على المواطنين العرب واملاكهم وكنت سنة 2006 اشغل منصب مدير عام مركز مكافحة العنصرية وقد اجرينا حينها استطلاعات سنوية بين اليهود لاستشراف افكارهم حول المواطنة والديمقراطية والمواطنين العرب. وقد اعتمدنا معهد جيوجورتجرافيا الإسرائيلي لأجراء هذه الاستطلاعات حيث ظهرت نتائج صاعقة مثلا: ان 68% من اليهود يرفضون السكن بالقرب من جار عربي و46% من اليهود يرفضون ان يزورهم عربي في بيتهم. وان 40% من اليهود يعتقدون ان على الدولة تشجيع العرب على الهجرة. وان 63% من اليهود يرون بالعرب خطرا امنيا وديمغرافيا . واعرب 50% على خوفهم وعدم ارتياحهم لسماع اللغة العربية واعرب 18% بشعورهم بالحقد الشديد تجاه المواطنين العرب.واضح لكل من يراقب الامور ان ما كان شعورا شعبيا رائجا قبل عقدين، اصبح اليوم توجها مؤسساتيا يقوده رئيس الحكومة ووزراءه وأعضاء كنيست من مختلف الطيف السياسي يتنافسون في سن تشريعات عنصرية مهينة تجعل من حياة العرب امرا مستحيلا اضافة الى التحريض عليهم وشيطنتهم في كل حدث وامر. ولهذا لا يمكن النظر الى قانون القومية وكأنه حدث فجأة او انه وجد لحاجات سياسية ضيقة لبنيامين نتياهو، بل هو نتيجة تراكمية للعنصرية والفاشية الأخذة بالتفشي داخل المجتمع الاسرائيلي.

من جهتنا نحن ابناء هذا الوطن لا نملك ترف التغاضي عن حقيقة ان الدولة من خلال تشريع هذا القانون خرقت اتفاقية من طرف واحد مع مواطنيها. وانها تنكرت لمبادئ وثيقة استقلال إسرائيل التي ذكرت عدم التمييز على اساس العرق او الدين او الجنس او اللون علما ان هذه الوثيقة لم تطبق يوما، بل كانت حبرا على ورق بدليل اقامة الحكم العسكري لعشرين عاما على مواطنيها مباشرة بعد التوقيع عليها. والخطير في الامر هو علمنا ان اسرائيل قامت بكل الموبقات سابقا تحت اسم وثيقة الاستقلال التي يرى بها البعض منفذا للديمقراطية وعدم التمييز، فكيف اذا ستفعل الحكومات القادمة بقيادة اليمين الديني الصاعد مع امثال سموتتريش والبيت اليهودي وغوغاء الليكود مع وجود هذا القانون الذي ينص على دونية من ليس يهوديا وعلى احقية اليهود بكل شيء ثقافيا واقتصاديا وسياسيا .


حزان ..ما خفي وما ظهر
بُعيد اقرار القانون وخلال مراجعتي للصحف اصطدمت في صورة السيلفي المشهورة حيث رأيت اكثر من خمسة يهود شرقيون يتزاحمون على اخذ صورة النصر مع ديختر ونتياهو ، منتشين الى درجة انهم نسوا انهم قاموا للتو في التصويت على قرار شطب جزء من حضارتهم العربية ومن لغة ابائهم وهويتهم. اغلبهم لا يطرب الا لأم كلثوم وفريد الاطرش ويُغني بالعربية، ولكنهم تنكروا للتو لهويتهم وداسوها بالكنادر. وفي الصورة عربي ممسوح الهوية ايوب القرا وفي تفسير ابتسامته ومعانيها اكتفي بجملة قالها احد الدروز ان هذا القانون حولنا من مواطنين الى مرتزقة حرب لدى إسرائيل، فما معنى ابتسامتك!! .
وفي نفس الصورة انتقل بكم من ابتسامة القرا الى كلسون اورن حازن مباشرة . حيث ظهر مرفوعا شامخا على الملاء ، الامر ليس مضحكا كما اعتبره البعض، ولكن حيثيات السياسة الاسرائيلية في العقدين الاخير وانخفاض المستوى الفكري والاخلاقي للمُشّرعين في الكنيست هو علامة فارقة ظهرت بهذه الصورة بكل وضوح. نحن في اوج مرحلة تحول بين قيادة صهيونية كانت وبين قيادة مستقبلية قادمة. كلسون اورن حزان هو علامة فارقة بين جيل ابا ابن رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية المنضبط الواعي والبارد والاستراتيجي الذي تهمه المعاني والنقاط والفواصل والصورة المنطبعة في المخيلة عن اسرائيل وبين كلسون حزان وفستان ريجف والقادة الجدد. لكن المستقبل لن يحدده دودو امسلم او اورن حازن وبيتان او صراخ ريجف والقرا فهم اشبه بمشهد الكلاب القافزة التي تسير امام الصياد، المتثمل بالمد الديني القومي اليهودي القادم والصريح الذي سيشكل روح الصهيونية الجديدة بقيادة قادة الاستيطان اليهودي الديني الذين يرون حتى في سكن العرب في كرمئيل او نتسيرت عليت عمل مخطط وموجه ضد اليهود.

نعم سأشارك في مظاهرة تل ابيب
الخطوة الاولى التي اراها اجبارية هي بان تقوم الاحزاب السياسية العربية بالعودة الى القرى العربية وان تقوم بترتيب اوراقها من جديد ونفض الغبار في فروعها والبدء في برامج تثقيف وتوعية واعادة موضوع الوطن والمواطنة والحقوق الى ذهن المواطن. وشد انتباه الناس الى القضايا الحارقة، لا يمكن ان تكون الكنيست هي الساحة السياسية المركزية للسياسة العربية. على الاحزاب بناء مركز سياسي اخر من خلال لجنة المتابعة العربية من خلال اعادة بنائها وانتخابها من جديد . لقد اصبح بناء لجنة المتابعة امر وجودي في مناهضة العنصرية، لا يمكن التهاون معه .
اضافة لما تقدم هناك ضرورة لا عادة الثقة بين الناس وبين العمل السياسي، وهذا يتطلب عملا شجاعا من قبل القيادات. لا ارى لماذا يتعنت اعضاء الكنيست حتى في تعليق عملهم في الكنيست، مع ان الواجب والمفهوم ضمنا هو الاستقالة الجماعية من الكنيست مرحليا.
ربما عرف الناس قادتهم ومقدرتهم، فحرب الكراسي الاخيرة لم تضع اوزارها بعد. فتقدم الشعب من خلال بياناته وتصريحات مثقفيه خطوة للأمام باتجاه القيادات وطالبها فقط بتجميد او تعليق عملهم في الكنيست للدورة الشتوية حتى تاريخ محدد، كاحتجاج سياسي على تشريع القانون. فلماذا هذا التعنت ومن يمنع هذا الخطوة؟. فانتم ليس الا رسل لهذا الشعب في هذه المنصة وهذا الشعب يستدعيكم للتشاور. وعلى الرغم من انتقادي. هذا لا يعفيني من المشاركة في مظاهرة تل ابيب لذا سأشارك وادعو اصدقائي للمشاركة لأنها صوتنا لأجل الحياة الكريمة والحرة في وجه ظالم مستبد . اما حسابنا وعتابنا على بعضنا وفيما بيننا نؤجله لأيام قادمة.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net     

مقالات متعلقة