الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 01:01

عرب الداخل (48) - قبل فوات الأوان/ بقلم: د. باسل جمعة

د. باسل جمعة
نُشر: 15/10/18 16:19,  حُتلن: 20:10

 د. باسل جمعة في مقاله:

لا بد لنا، حفاظا على هويتنا الفلسطينية العربية، من المطالبة بالتمثيل في الجهات الرسمية العربية وعلى رأسها الجامعة العربية

من حقنا ومن واجب الأمة العربية الأم قبولنا في المجتمع العربي الدولي الأوسع سياسيا، ثقافيا، اقتصاديا بلا استحياء، كما يتم ذلك في بعض المسابقات الغنائية في البرامج التلفزيونية

في ظل الظروف الحالية التي يمر بها شعبنا في الداخل، وفي أعقاب قانون القومية والسياسات الحكومية المرافقة له أرى أن نتوجه بطلب التمثيل في الجمعيات والمؤسسات السياسية- الثقافية العربية العامة بما فيها الجامعة العربية، نحن فلسطينيو الداخل، وهذا دفعا لخروجنا من التاريخ بلا رجعة. ولا شك هنا من أن تتعالى أصوات مناهضة لهذا الطرح الذي قد يبدو سلخاً للشعب الفلسطيني في الداخل عن الشعب الفلسطيني عامة، ولكننا، وبنظرة عملية براغماتية، في الأحوال القائمة وفي حدود الأفق الماثل أمامنا سياسيا، اجتماعيا وثقافيا، فان المجتمع الفلسطيني في الداخل محروم من الحقوق الجماعية، لا سيما تحت وطأة قانون القومية وغيره من السياسات الاسرائيلية. وان كنا ننظر فقط الى حقوقنا كأفراد غافلين البعد الثقافي-الحضاري لهويتنا فلن يكون لنا مكان في محافل التاريخ، ولا بد لنا من الاندثار اذا قبلنا بهذا.

لذا، تكتيكيا، وبعد أن رأينا أن العناد القومي في بعض القضايا (كأزمة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم) لا يجدي نفعا، اذا لم ترافقه القوة الكافية لمواجهة الأزمة، فلا بد لنا، حفاظا على هويتنا الفلسطينية العربية، من المطالبة بالتمثيل في الجهات الرسمية العربية وعلى رأسها الجامعة العربية. واذا خضنا في كيفية التمثيل فمن الممكن أن يكون التمثيل بعضوية مؤقتة محدودة المدى (حفاظا على خطاب توحيد الشعب الفلسطيني لمن يخشى مما قد تمثله العضوية المستقلة عن العضوية الفلسطينية)، أو كعضو مراقب، أو كمكتب مرافق للعضوية الفلسطينية (بصلاحيات وبرنامج عمل محددين، حتى لا يضيع بين الأروقة).

وان كان مفهوما ضمناً، واسكاتاً للمعارضة التي ستتصدى للفكرة، كجزء من شعبنا فإن قلوبنا في الداخل تنبض بنبض فلسطيني، ان كان في الضفة العربية أو في قطاع غزة أو في الشتات، وكلنا أمل في حل قضيتنا الأم، وأبشع كوابيسنا هو الشرخ الفلسطيني، وقد عشناه وجراحنا ما فتئت تنزف من ذلك الشرخ. لكن في ظل الظروف الراهنة، ولن يجدي الجدل السيزيفي هنا في البحث عن المذنب، ومن باع ومن اشترى، فقد وجدنا أنفسنا معزولين عن القضية الفلسطينية، في غالبية الطروح السياسية-الجغرافية المطروحة دوليا لحل القضية، على الأقل فيما يتطرق الى المستقبل البادي للعيان. جدير بالذكر، أننا، منذ نكسة ١٩٦٧، قد أقصينا تماما من جميع اقتراحات ومبادرات الحلول للقضية الفلسطينية في كافة التيارات المركزية، بدءا بمبادرة روجرز التي تم قبولها أيام الراحل جمال عبد الناصر، مرورا باقتراحات منظمة التحرير بقيادة الراحل ياسر عرفات وغيرها. وقد وجدنا أنفسنا أيضا، وبفعل الظروف أيضا، نعيش حياة يومية مختلفة عن اخوتنا في الضفة وغزة، خاصة فيما يخص الأعمال والحرف، والتعامل الرسمي اليومي مع المؤسسات الحكومية بما فيها المدارس والجامعات، الخدمات الصحية، التأمين، الضرائب والبريد وغيرها من الخدمات. ومع مرور السنين، نلاحظ رويدا رويدا اندثار بعض القيم والمعايير العربية التي تتميز بها المجتمعات العربية من المحيط الى الخليج وذلك بفعل فاعل أو بسبب الهوة التي تزداد عمقا بيننا وبين المجتمعات العربية. للتوسع والاسهاب في هذا يمكن التوجه الى البحوث الراقية لبعض الباحثين من عرب الداخل أمثال ماجد الحاج وغيره. وللأسف الشديد، فيما عدا لغتنا العربية (الممزوجة أكثر وأكثر بالكلمات وأحيانا الجمل العبرية)، أضحينا بحاجة الى التلفاز أو ووسائل التواصل مرارا وتكرارا حتى نلتقي بهويتنا العربية لبضع سويعات بعد العمل أحيانا، وقد يكون ذلك لمشاهدة مسلسل تركي مدبلج (مع احترامنا للإعلام والفنون التركية)، ليس الا.

انطلاقا مما ذكر أعلاه، وحرصا منا للحفاظ على كياننا الفلسطيني العربي، وبعيدا عن الحلول السياسية بعيدة المدى، فإننا نرى، وبالحاح، أن من حقنا ومن واجب الأمة العربية الأم قبولنا في المجتمع العربي الدولي الأوسع سياسيا، ثقافيا، اقتصاديا بلا استحياء، كما يتم ذلك في بعض المسابقات الغنائية في البرامج التلفزيونية. ونرى أن هذا التمثيل في الجهات الرسمية كالجامعة العربية، والاشراك في الحياة الثقافية يجدر أن يكون مؤقتا بشكل شبه مستقل حتى تبرز قضيتنا، لعدم اثقال كاهل شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع والشتات بما لا يطيق، مع التأكيد على الوحدة الفلسطينية، ووحدة القضية الأم وان اختلف التكنيك. ونرى ذلك ضرورة ملحة لإيقاف الجرف لمحو هويتنا وصد محاولات نبذنا عن العرب والعروبة.
نؤكد من جديد وبحزم أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ولكن وقد ضاقت بنا السبل، فقد ارتأينا التوجه الى العروبة كأفضل خيار لابراز قضيتنا المطمورة وتخصيص العتاد المعدات اللازمة لعرض وحل أزمتنا المتفاقمة، وبعد طرح البرامج والخطط فلا بد لنا طبعا من الانخراط في صفوف بيت فلسطيني موحد جديد في تمثيلنا الدولي، وان كانت نظرتنا العروبية وحلمنا المنشود أوسع آفاقا.
نرجو من الجهات المعنية أخذ الموضوع على محمل الجد، بفكر عملي معاصر، وعدم الانجرار وراء الشعارات الرنانة التي لطالما أعيتنا بثقلها، من وحدة الصف، والثبات والهمة، لئلا نجد أنفسنا ذات يوم، نحن العرب، مجردين من العروبة، وتحيتنا فيما بيننا شالوم بدلا من السلام. 

الطيبة - المثلث

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة