الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 00:02

رسول الله، خير قدوة لنا - بقلم، جميلة شحادة

جميلة شحادة
نُشر: 20/11/18 17:36,  حُتلن: 22:43

في الثاني عشر من شهر ربيع الأول يصادف ذكرى مولد الهادي، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث يحتفل به المسلمون في كل عام، ليس باعتباره عيدًا، بل فرحة بولادة نبيهم؛ ولهذا نجد الزينة والأضواء قد علقت في أعمدة الشوارع في بعض المدن والبلدات (التي نسبة المسلمين فيها هي الأكبر)؛ وزينت موائد الطعام في البيوت بالزهور وبمختلف اصناف الحلويات ( النمورة، البقلاوة، الكنافة، الزلابية، أصابع زينب، لقمة القاضي، الملاتيت وغيرها). كذلك تقام في المساجد الابتهالات والدعوات والدروس الدينية؛ أضف إلى ذلك تقام في المؤسسات التربوية؛ الاحتفالات والفعاليات المتنوعة؛ حيث تُسمع فيها المعزوفات الموسيقية، وقرع الطبول، ونقر الدفوف، وصوت فرق الانشاد، وتلاوة القرآن، احتفاءً بذكرى مولده ـ صلى الله عليه وسلم.
والمؤسسة التي اعمل فيها؛ كغيرها من المؤسسات التربوية، تحتفل عادة بذكرى سيد البشر، محمد صلعم. هذه السنة؛ وفي اوج الاحتفالات، توجهت إليَّ احدى الطالبات وهي طالبة ممتازة التحصيل وحميدة الأخلاق، وقالت: رفضتُ ما طلبته مني مربية صفي، بأن اشارك زميلاتي بالإنشاد احتفاءً بذكرى مولد نبينا؛ ففعل هذا؛ من الأمور التي لا ترضي الله سبحانه وتعالى؛ صوت المرأة عورة، والانشاد مكروه، والاحتفال بذكرى المولد بدعة. وهنا؛ لن أتطرق للأسباب التي أدت بهذه الطالبة، لأن تحمل هذا الفكر، ولا لكيفية معالجتي للموضوع مع الطالبة، ولا الى الحوار والنقاش الذي دار بيننا؛ وانما سأطرح هنا السؤال التالي: كم من افراد مجتمعنا، المسلمين، يتبنون هذا الفكر؟ ولماذا؟
للإجابة عن هذا السؤال، لا بد ان يدلو كل ما بجعبته، ويستشهد بأقوال الشيوخ وغيرهم؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ هناك الشيخ تاج الدين عمر بن علي المالكي، حيث قال: "لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ولا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة".
لن أطيل عليكم واذكر لكم كل اسماء الشيوخ والفقهاء الذين عارضوا الاحتفال بذكرى المولد، وتعليلاتهم لذلك؛ بل سأحدثكم عن سيد الخلق، طه، وسيرته العطرة؛ نبينا محمد، الطيب الأمين.
عمل النبي محمد صلعم بالتجارة، وكان الصادق الامين؛ فهل جميع تجارنا اليوم صادقون وامينون؟
عاش الصادق الامين في زمنٍ، عمَّ فيه الجهل والعصبية القبلية، وغاب فيه العقل والمنطق، ومع هذا، لم يلعن الزمان، ولم يتبع قبيلته؛ فكم منا نحن المسلمون اليوم، لا يلعن زمانه، وكم منا قد تحرر من عصبيته القبلية، ولم يتبع مرشح عائلته (حتى لو لم يكن مناسبا) في الانتخابات على سبيل المثال؟
كرم النبي الكريم، المرأة؛ فقد احب زوجته خديجة واحترمها، وكان امينا على تجارتها ومالها؛ فكم من رجال المسلمين اليوم، لم يعنِّف زوجته، او لم يخنها، او حتى يقتلها؟
اتخذ النبي محمد صلعم لنفسه، خلوة في غار حراء، واعتزل القوم، وعزل حواسه عن رؤية ما لا تطاق رؤيته، وسماع ما لم تحتمله اذناه؛ وهناك، في خلوته، انفتحت الحواس لتلقي الالهام الرباني؛ لقد اعتزل المصطفى صلعم الضوضاء في غار حراء، فاستطاع ان يستمع لصوت الوحي، وعاد لقبيلته برسالة فيها نور وصحوة ورحمة للعالمين؛ فكانت رسالة خالدة لكل قلب مبصر. هو لم يتخذ غار حراء مهربا من فساد ابناء قبيلته؛ بل مكانا للتأمل والتفكر بأمور زمانه واهله؛ فكم من المسلمين اليوم، لا يرحل عن بلده هربا من سوء الوضع فيه، ولكي يتوه في زحام الحياة وضوضائها ، لاهثا وراء المادة وتحقيق مصالحه الشخصية؟
صغُرتُ على ان افتي بأمور ديننا الحنيف؛ لكن وجب عليّ القول: ان من اراد من المسلمين اليوم ان يحلل ويحرم، عليه ان يكون فقيها، دارسا ومتعمقا بأمور الدين، وان يقتدي بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
نحن اليوم جاهليون رغم معرفتنا الواسعة؛ نحن نرى ولا نبصر؛ نسمع ولا نصغي؛ ننتقد الجهل لكننا نمارسه؛ نحن نعيش العزلة رغم الصخب من حولنا؛ نحن لا نرغب بإحداث التغيير حتى لا تتهدد مصالحنا؛ اما لو سأل أحدنا اليوم، النبي محمد صلاة الله عليه ماذا يريد منه ان يفعل، لكي رضى عنه؛ لقال له: كن خيِّرا، صالحا، سعيدا، امينا، صادقا، محبا للمعرفة، محبا لغيرك، مُرضيا لضميرك، مُرضيا لخلقك، ..... كن انسانا.
 

مقالات متعلقة