الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 02:02

سلطاتنا المحلية مكانك سر/ بقلم: حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 26/11/18 11:25,  حُتلن: 19:05

ستظل سلطاتنا المحلية في حالة مكانك سر وبعيدة عن أي قفزة نوعية في الأداء ما دام المواطن لا يفكر بشيء اسمه مصلحة عامة وكل ما يهمه هو مصلحته الشخصية الضيقة

ما يقارب الأربعين عاماً تنقلت للعمل في معظم سلطاتنا المحلية في الجليل. وقد شاهدت ولمست ما يحصل في هذه السلطات. عملت مع الكثيرين من رؤساء سلطاتنا المحلية، وعشت فترات تبدل الإدارات. عرفت وعاركت مختلف أنواع الرؤساء من الأمي الذي لا يجيد القراءة والكتابة حتى الأكاديمي الذي يحمل الدكتوراة. وبحكم عملي في هذه السلطات منذ العام 1974 عشت فترات الانتخابات في مجتمعنا على مختلف فئاته وطوائفه وأستطيع القول أننا في الهوى سوا: الحمولة هي التي توجهنا وللعشيرة القول الفصل. الجميع يعرف ذلك وليس هذا ما أردت أن أقوله.
في هذه العجالة أريد التطرق إلى نقطتين هما، في رأيي، سبب هذا التردي في أداء سلطاتنا المحلية، وسبب داء تصلب الشرايين الذي تعاني منه جميع مجالسنا المحلية وبلدياتنا.

النقطة الأولى: المواطن. الكثير من رؤسائنا يأتي إلى السلطة المحلية ولديه النية والإرادة أن يقدم لبلده أفضل ما يستطيع تقديمه. لكنه ما إن يجلس على الكرسي حتى يواجه رغبات وطلبات المواطن المصاب بداء الأنانية وضيق الأفق. الجميع يأتون إليه ولديهم طلب واحد: مصلحتهم الشخصية. ما يريده المواطن البسيط والمثقف هو وظيفة لإبنه أو بنته أو زوجته. ما يريده المواطن هو وظيفة له أو لأخيه أو سلة مهملات أو قليلا من الإسفلت في مدخل بيته. لم يحدث أن جاء مواطن إلى رئيس منتخب وطالبه بمنطقة صناعية. أو بمشروع سياحي أو بإقامة مستشفى او مدرسة أو جامعة. هذا النوع من المشاريع لا يعد إنجازاً ولا يؤخذ بالحسبان عندما يحاسب المواطن رئيسه في الانتخابات المقبلة. لذلك يتم تأجيله لأن أي رئيس يهمه إرضاء المواطن من أجل كسب صوته في المرة المقبلة. إذن لماذا نلوم سلطاتنا إذا كان هذا ما نريده؟

النقطة الثانية: الموظفون. في جميع سلطاتنا المحلية هنالك أطقم من الموظفين الذين لا يستطيع الرئيس المنتخب تغييرهم عند استلامه إدارة السلطة المحلية. من بين هؤلاء الموظفين من يتبوء موقعاً أساسياً وهاماً في أي تغيير مطلوب. وبسبب بنيتنا الحمائلية معظم هؤلاء اختيروا ليس لكفاءاتهم أو لمؤهلاتهم. هؤلاء يشكلون عقبة كأداء أمام أي تغيير وهم حجر عثرة يصطدم بهم الرؤساء المنتخبون لأنهم مثبتون في عملهم واختيروا في "عطاءات!!" قانونية. أمام هؤلاء الموظفين يقف الرئيس المنتخب عاجزاً ومحبطاً من الخراب والفساد الذي يمارسونه دون أن يرف لهم جفن لأنهم تعودوا على ذلك.
والأهم من كل ذلك، وفي أغلب الأحيان، هؤلاء الموظفون بحكم تجربتهم هم الذين يوجهون الرؤساء الجدد وهم الذين يفسدونهم ويجرونهم، من غير أن يدروا، إلى مستنقع الجمود والفشل. يخوفونهم ويحبطونهم عن سبق إصرار وترصد في كثير من الأحيان، أو لأنهم هم خائفون ومحبطون لضعف في شخصياتهم.

ستظل سلطاتنا المحلية في حالة مكانك سر وبعيدة عن أي قفزة نوعية في الأداء ما دام المواطن لا يفكر بشيء اسمه مصلحة عامة وكل ما يهمه هو مصلحته الشخصية الضيقة، وما دام أصحاب الوظائف الأساسية في هذه السلطات مصابون بالخمول وتصلب الشرايين.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة