الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 02:02

يرفضون الانتخابات التمهيدية ويفضلون صفقات الغرف المظلمة/ بقلم: رائد حاج يحيى

رائد حاج يحيى
نُشر: 29/12/18 13:20,  حُتلن: 19:46

رائد حاج يحيى في مقاله:

لماذا يرفض البعض استطلاعات الرأي كآليّة لاعطاء الجماهير الفلسطينية في الداخل إمكانية اختيار ممثليهم في البرلمان؟

سؤالي هو كيف لمن يدعي انه مثقف ديموقراطي ان يلغي ادوات قياس الرأي العام ويستشيط غضبا من جملة: خلي الشعب يقرر؟ كيف؟

يرفضون الأدوات الديموقراطية (انتخابات تمهيدية) لانها "مستحيلة التحقيق"، والأدوات العلمية لانها "غريبة عنا،" ويفضلون صفقات الغرف المظلمة

الاستطلاعات هي اداة علمية تهدف لاستقصاء الراي العام في قضية معينة، يتم التعامل بها وقبولها في اكثر المجتمعات التي تعتبر نفسها متقدمة وحضارية. كل اداة علمية لها ميزات وعيوب وهذا معروف، والاستطلاعات العلمية تحاول دائما ان تظهر بوضوح مدى ثقتها بالنتائج ودرجة عموميتها. ولكن يدهشني تصرف البعض الذي ينادي بالديموقراطية بينما يمتلك حساسية حادة لادوات الديموقراطية، كالاستطلاع مثلا. وما يدهشني اكثر هو انهم يرفضون الاستطلاعات عندما تتحرك في اتجاه لا يخدمهم، ولكن ربما كانوا يتمسكون بها وكانها كلام مقدس لو تماشت نتائجها مع مصالحهم. اذا كان رؤساء دول عظمى على مر العقود يخضعون لاستطلاعات راي تفحص مدى رضى المواطنين عن ادائهم، لماذا يرفض ذلك بعض النواب في مناصب اكثر زهدا؟ ام انهم يمتلكون حصانة تحميهم من الراي العام؟ 

يدعي البعض ان استطلاعات الراي لا تملك المصداقية التي تملكها كاداة علمية عندما تستخدم في المجتمع العربي. الغريب في الامر ان من يقوم بصياغة هذه الادعاءات يدعي ايضا ان له تاريخ طويل من النضال منذ عقود. لكن في نفس الوقت الذي تدعي نفس الجهات هذا التاريخ المشرف، ترفض ان تحرر الجماهير مما تظن انه حكرا لها (التمثيل البرلماني). ليس ذلك فحسب، بل ان هذه الادعاءات تدل على فكر طبقي عميق لدى هؤلاء، حيث يدعون انهم يدافعون عن الجماهير المستضعفة، ولكن في نفس الوقت لا يعترفون بقدرة هذه الجماهير التعامل مع ادوات علمية كالاستطلاعات (رغم ان مجتمعنا قادر ليس فقط على القراءة والكتابة (!!) وانما ايضا اكثر تحصيلا علميا مقارنة بعقود مضت). من المؤسف ان يدلي البعض الذين يدعون المدافعة عن الحقوق الوطنية اراءا تتوافق مع الاراء الاستشراقية مثل ان العرب والديمقراطية لا يجتمعان.

يرفضون الأدوات الديموقراطية (انتخابات تمهيدية) لانها "مستحيلة التحقيق"، والأدوات العلمية لانها "غريبة عنا،" ويفضلون صفقات الغرف المظلمة، ربما لانهم يظنون ان هذه الطريقة "ملائمة لمجتمعنا" او لانهم يخشون قوة الراي العام والجماهير التي يدعون تمثيلها تاريخيا ويعلمون جيدا ابتعادها عنهم في السنوات الأخيرة، بسبب نفس الاستعلاء الذي تتميز فيه ادعاءاتهم وطرحهم.
وسؤالي هو كيف لمن يدعي انه مثقف ديموقراطي ان يلغي ادوات قياس الرأي العام ويستشيط غضبا من جملة: خلي الشعب يقرر؟ كيف؟ 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة