الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 16:02

جبهتي لوحة للزمان/ بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 29/01/19 18:33,  حُتلن: 15:49

جبهتي لوحةٌ للزمانْ
يَخُطُّ ما تقولهُ االصخورُ للرياحْ
ويرسمُ الجراحَ
حين تستبيحُ هامتي
مكائدُ االصقورِ والعِقبانْ
تحُطُّ في ربوعها الطيورْ
وتلمعُ الضياءُ في مباسمِ الحسانْ
في جبهتي
يَظَلُّ ظِلُّ سروةٍ كانت منارةً
ولم يعد لظلِّها مكانْ
بها المروجُ لم تعدْ خضراءَ
والبرتقالةُ اختفتْ
وراء نقمةِ الزمنْ
التوتةُ البيضاءُ غادرت
وحوصِرَت خَرّوبةُ الجَبلْ
فراح جذرُها القويُّ يسأل الوديانَ
أين غادر الوطنْ؟
حبيبةٌ صغيرةٌ تغيب فجأةً..
في جبهتي يظلُّ ظِلُّ وجهِها
يغيبُ في الطريق دون أن يقولَ
لي تحيةَ الوداعْ
يظلُّ ظِلُ وجهها الجَلِّي كالشروقْ
تظلُّ دمعةٌ من عينها
تئن فوق جبهتي..
تجفُّ فوقَ دمعتي..
تُرى هل أينعت حبيبةٌ صغيرةٌ
بعد الرحيلْ؟
هل يغسلُ الصباحُ كلَ يومٍ وجهَها
أم عشَّشت على جبينها المِحَنْ؟
هل تسأل الأيامَ، مثلما فعلتُ دائماً:
لماذا لم تعُد لنا ألعابُنا؟
لماذا لم تعد لنا ملاعبُ الوطنْ؟
أريدُ أن أحطَّ عندها
على جناحِ نجمةٍ
أو خِلسةً من أعْيُنِ القَدرْ
لأكملَ الحديثَ عما رأيتُ
حين مرَّ قُربَ دارنا الغجرْ..
أريد أن أحطَّ عندها
على جناح غيمةٍ
أو على حصانْ
لكي أرى
ما خط في جبينها الزمانْ
لكي ترى ما خطت الأيامُ
في سطور جبهتي..
أريد أن نرى هل نحن لوحتانْ
أم نحن لوحةٌ واحدةٌ لها وجهانْ
في جبهتي آثارُها تظلُّ
مثلما يظَلُّ النقشُ في حَجَرْ
في جبهتي لمساتُ شعرها المبلولِ
عندما يباغتُ المطرْ
حبيبتي كانت طُفولتي
ولم أقُلْ أحِبُّها
ولم تقُلْ تُحِبُّني
كنا نحب أن نكون دائما معاً..
سويةً نَضيعُ في حقولِ القمحِ
ثم نلتقي معاً
على مزارع الزهورِ والشجرْ
ذكرتُ دائماً بعد الغيابِ
أنني ما قلت، عندما كنا معا،
بأن وجهَها جميلْ
في جبهتي مرسومةٌ لها صُوَرْ
عاديةً صارت حياتُنا
تدور حولها عقاربُ الألمْ
لا أحبُّ الصمتَ إلا
عندما يكونُ في يدي كتابْ
أو عندما يكون في يدي قلمْ..
تحطُّ فوقَ جبهتي فراشةٌ
كأنها تريدُ أن تقولَ لي:
لا تفقد الأملْ!
كأنها تريدُ أن تقولَ لي:
لا تلعن السَفرْ!
لا تقلقي فراشتي!
لن ألعن القَدَرْ
ومهما طال بيننا الفراقْ
سيبقى فوق جبهتي لها أثَرْ
في مُهجتي تبقى لها مع كل خَفقةٍ
ملاعبُ الصغارِ
والتعثر الخفيفُ
في مسالكِ الكبارِ
والمُماحكاتِ
والصُوَرْ..
في كل خطٍّ من خطوطِ جبهتي
يظَلُّ صوتُها معزوفةً شريدةً على وترْ
وفوقنا يُطلُّ من عليائه القمرْ
يبكي.. ويستديرُ ضاحكاً
على طبائع البَشرْ.

نيويورك

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة