الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 17:02

سياسة عقلانية وليس سياسة مشاعر/ بقلم: رضا جابر

رضا جابر
نُشر: 01/03/19 17:53,  حُتلن: 20:06

أعرف بأن مبدأ الوحدة يجيب على رغبة عميقة لدى الناس وخصوصا بحالة التردي العربي العام ولكن الوحدة بدون شراكة هي وحدة شكلية عديمة الجدوى

حان أوان العمل والنظر الى الامام فالمعركة على الوجود والهوية شرسة تحتاج الى تركيز الجهود والابداع وليس الى لفت الانظار الى الهوامش

المراقب للمشهد السياسي العربي يلحظ بأنها دخلت مرحلة حرجة وخطرة بعد اشهر من المناكفات السياسية شعر فيها الناس بأن الهم الحزبي وُضع فوق هم الناس واهتماماتهم. وكان ملاحظا بأننا كلما اقتربنا من ساعة الحسم فان الناس بدأت تفقد ثقتها بالعمل السياسي وخصوصا البرلماني. وحال كثير من الناس اليوم هو مشاعر من خيبة الأمل يؤججها تراشق الاحزاب ومناصريهم التهم جزافا بدلا من ان يقدموا للناس تفسيرا واضحا لما حدث ويبعث الامل مجددا بالعمل الحزبي وهو ركيزة عملهم المنظم كأقلية قومية بدولة تقصيهم وتنتهج بحقهم سياسة تقزيم وشرذمة.
أمام هذا المشهد لا بد من قراءة أكثر عقلانية تغلب المصلحة الوطنية للمدى القصير والمدى البعيد ولا تغلب المشاعر (التي من المفروض فهمها وادراك اسبابها) والتي قد تشكل فقط ردة فعل قد تضر، اذا نظرنا بالشمول، على مستقبلنا هنا. قراءة لا تهول وتحاول وضع الاحداث بسياقها وحجمها الصحيح ولكن لا تحاول تجميل الواقع وصبغه بالوردي.
ومن هنا فأن تقييم الذهاب الى انتخابات الكنيست بقائمتين تقييما موضوعيا يفضي الى الاستنتاج بأن ذلك هو، في هذه المرحلة، حدث لا يضرب مصلحتنا الوطنية بل بعكس ذلك فهو حدث يبعث النشاط والحياة للسياسة التي مرت بمرحلة ضعف بسبب الاصطفاف وخنق النقاش والمنافسة بين الاحزاب. من المهم ان توضح مواقف وبرامج الاحزاب من المسائل المطروحة . من المهم ان نشهد حراكاً اكثر تلاحماً بقضايا الناس ومع الناس. التنافس سيفرض ذلك وسيفرض وضوح برامج الجميع. ان الذهاب بكتلتين يُمكن أيضا تغيير، وان كان محدودا، لموازين القوة بين الفاعلين السياسيين ويعيد ترتيب قوتها بين الناخبين.
وهو ايضا يجيب على سؤال التعددية في مجتمعنا فهذا التعدد هو ميزة وليس نقطة ضعف.
ان التحدي الان هو ادارة هذا التنوع وهذه التعددية بصورة توقف مجتمعنا على قدمية لكي يواجه وبندية أي حكومة سيتم تشكيلها وبالاساس مواجهة التحديات الاجتماعية الهائلة التي تواجهنا.
أعرف بأن مبدأ الوحدة يجيب على رغبة عميقة لدى الناس وخصوصا بحالة التردي العربي العام ولكن الوحدة بدون شراكة هي وحدة شكلية عديمة الجدوى. ولذلك المهم الآن البحث عن التشكيلات السياسية التي تقوي مبدأ الشراكة والتفاعل البناء. تشكيل كتلتان سياسيتان كفيل بزيادة مبدأ الشراكة الحقيقية لانه يقلل من حدة التناقضات التي ظهرت في الاصطفاف تحت المشتركة.
ان تصرف الاحزاب كلها وخصوصا العربية للتغيير بعدم المجازفة هو نهج يجب احترامة وتقديرة. الاحزاب بعدما ذهبت بكتلتين قد ضمنت بأن أصوات منتخبيهم لن تذهب سدا. وهذا تصرف سياسي عقلاني ايجابي البعيد عن التمسمر والمقامرة السياسية. هو موقف يحسب لصالح الاحزاب وليس ضدها.
لطالما رأيت بأن السياسة لا يمكن فصلها عن الاخلاق وخصوصا بحالتنا كأقلية قومية فالاخلاق بالنسبة لنا هو أهم اداة بمواجهة العنصرية وسياسة التفريق، ولكنها أهم عنصر في التعامل الداخلي بيننا لذلك من المهم ان تتجاوز الاحزاب هذه الفترة وطي صفحة النقاش بعد الاستفادة منها ولكن اذا ما واستمرت الاخزاب عبر نشطائها بكيل الاتهامات فان هذا سيتحول الى مأساة سياسية سيدفع مجتمعنا ثمنها وليس فقط الاحزاب.
حان أوان العمل والنظر الى الامام فالمعركة على الوجود والهوية شرسة تحتاج الى تركيز الجهود والابداع وليس الى لفت الانظار الى الهوامش. 

مقالات متعلقة